رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قرأت رواية «اللعوب» لـ«أنطوان تشيكوف» عن امرأة تدعى «أولجا» جميلة ومتطلعة إلى الحياة ومحبة للشهرة والفن ومدعية الثقافة وتتزوج من «ديموف» الطبيب الطيب الذى لا نعرف عنه شيئاً سوى حبه عمله وغرامه بتلك الزوجة التى تبحث كل لحظة عن بريق الشهرة فترتاد المسارح وصالات الرسم وتدعو مشاهير الفن ليكونوا ضيوفاً فى بيتها وتقيم ما يشبه الصالون الثقافى الفنى ولكنها لا تدعى أى امرأة إلا إن كانت فنانة معروفة حتى تظل هى محور الأنظار والاهتمام، وتقع فى غرام مصور رسام وتخون زوجها وتدرك أنها مخطئة ولكن تظل مستمرة فى علاقتها بهذا المصور الفقير الأنانى المعجب بذاته مثلها تماماً، وحتى حين يكتشف زوجها أنها لعوب وأنها خائنة لا يصارحها بذلك حتى لا يجرحها ويستمر فى عمله وأبحاثه.

ويوم أن تدرك أن عشيقها يخونها وأنها مجرد حشرة حقيرة وامرأة ساقطة وزوجة خائنة فى ذات اليوم تعود إلى بيتها لتجد زوجها وقد أصابته «الدفتريا» لأنه ضحى بنفسه لينقذ طفلاً ويشفط المخاط الملوث من رئته الصغيرة حتى يتنفس ويعيش.. ويفاجئها صديق زوجها بأن الجميع يعرف أنها امرأة ساقطة وخائنة وأن زوجها رجل نبيل وعالم جليل أضاع حياته ليوفر لها المال الذى تنفقه على خرق بالية وعلى نزواتها وعشيقها، وأنه أرقى من أن يعاملها بمثل حقارتها، ولذا فإنه قد مات من القهر ومن التعب والحزن قبل أن يموت بالمرض..

قصة تسير فى عكس اتجاه قصة «آنا كارنينا» لـ«تولستوى» عن المرأة التى تقع فى غرام آخر غير زوجها فيلفظها المجتمع الظالم، وتنتحر فى النهاية.. فى هذه الرواية المظلوم النبيل العظيم فى مشاعره وإنسانيته هو الزوج الذى يعد شخصية مثالية أقرب إلى الملائكية، ولكن المعنى والرسالة هى أن الحياة مليئة بمثل من هم على شاكلة «أولجا» التى لا ترى إلا ذاتها ومنهم مثل «ديموف» حيث يرتقون فوق مستوى البشرية ويتغاضون ويتسامحون ويفنون فى العمل والبحث والدراسة والعطاء وحب البشر والتضحية بالنفس من أجل الآخرين... وهم من يرحل سريعاً مهزوماً مقهوراً بينما يعيش أمثال «أولجا» وعشيقها المفتون بذاته وجماله ولا يملك شيئاً يعطيه أى أحد فلا هو محب ولا هو موهوب حقاً ولا هو رجل شريف وإنما كما الكثير ممن يعتلون مشهد الحياة ونجدهم ملء السمع والبصر لديهم مناصب وكراسى وسلطة ومال وجاه فهم مجرد خواء لديهم أكثر من «أولجا» تلك اللعوبة الأنانية الباحثة عن الشهرة والحب والمال ولا تريد أن تبذل فى سبيل ذلك سوى جمالها وولائمها.. مثل المجاملات والوساطة فى العمل وفى المناصب لكل «أولجا» ولكل مصور لا يملك موهبة أو عطاء.. كل من يعرف فلاناً أو علاناً يحجز وظيفة أو كرسياً أو يحصل على ميزة ورخصة... ويظل «ديموف» الطبيب العالم الباحث والزوج الحنون المقهور يعطى ويتحمل لتستمر «أولجا» وعشيقها فى الاستمتاع بالحياة حتى يسقط «ديموف» ويرحل مقهوراً فداء إنسانيته ورقيه وعطائه.. إن الحياة التى تحتفى بكل لعوب هى التى تلفظ كل «ديموف».