رؤى
لم أفهم بشكل جيد المغزى من التصريحات التى صدرت مساء الأحد عن مسئولين سودانيين، الأول عمر قمر الدين وزير الدولة فى الخارجية السودانية، قال إن بلاده لن تدخل فى مواجهة مع إثيوبيا فى حال إقدامها على ملء سد النهضة دون اتفاق مع مصر والسودان، وأن الخرطوم ستتعامل مع الأمر الواقع وتبحث عن حلول عبر الحوار.
وقمر الدين لم يتوقف فى تصريحاته عند هذا الحد، بل الغريب أنه أقدم على توجيه النقد للموقف المصرى، وذلك بقوله: إن بلاده ترفض تصعيد القاهرة لقضية السد ولجوءها إلى مجلس الأمن الدولى، ونوه بأن ذلك سيزيد تعقيد هذه الأوضاع الحساسة، وفى نهاية التصريح نفى قمر الدين أى نية للخرطوم لتوقيع اتفاق ثنائى مع إثيوبيا بعد تحقيق شروطها المتعلقة بالسد.
الغريب فى الأمر أن يقوم وزير الرى السودانى ياسر عباس بالتصريح فى اليوم نفسه حول سد النهضة، وتصريحاته لم تخرج عما قال قمر الدين، لكن ما ميز عباس أن صياغاته جاءت ضمنية، وليس بالشكل الذى تحدث به قمر الدين.
ياسر عباس قال: إن «السودان ما زال يتمسك بموقفه الثابت من أن المفاوضات هى أنجح السبل للتوصل إلى تفاهمات بشأن قضية سد النهضة الإثيوبى». وأضاف: «لا نريد التصعيد فى موضوع سد النهضة، والتفاوض هو الحل الوحيد»، وشدد على ضرورة توقيع اتفاق ثلاثى بين مصر والسودان وإثيوبيا، قبل أن تباشر الأخيرة بملء سد النهضة فى الأول من يوليو.
تصريحات عباس لا تختلف فى رسالتها ولا فى مضمونها عن تصريحات قمرالدين، ولكن الاختلاق كما سبق أن أوضحنا فى الصياغة فقط، واللافت أن هذه التصريحات صدرت فى توقيت شديد التعقيد، حيث هاجم بعض المسئولين الإثيوبيين موقف مصر، وحملوها مسئولية فشل المفاوضات، وهددوا بالتصدى العسكرى لأى محاولة مصرية للهجوم على بلاده، كما أن تصريحات عباس وقمر الدين جاءت عقب التصريحات التى أدلى بها الرئيس فى الشأن الليبى، قمر الدين صرح مساء لقناة bbc اللندنية، وعباس لبعض الصحفيين، دون شك أن تصريحات عباس وقمر الدين تخدم على مصالح الجانب الإثيوبى، بل إنها تصطف بجواره، وتعمل على إحباط أية محاولات لحصول مصر على حصتها فى مياه النيل، وحقها فى مراقبة التشغيل.
لذا نرى أن الحكومة السودانية مطالبة بتوضيح علامات الاستفهام التى أثرتها تصريحات قمر الدين وعباس: ما هو المغزى الحقيقى منها؟، وهل هى مؤشر لاصطفاف السودان خلف الموقف الإثيوبى؟، السؤال الأهم: لماذا صدرت فى هذا التوقيت؟.