عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قبل وصول الكهرباء إلى قرتينا «العويضات» مركز قفط محافظة قنا لم تكن بالقريِة حنفيات مياه وإنما كان هناك «سبيل» فى «الملقة» يشرب منها الجميع، ومِيضأة يتوضأ منها الجميع، وفى جامع القرية كان مصدر المياه بئرًا شمال جامع القرية؛ يلقى الشيخ أبوسعيد الدلو ويملأ مجرى المياه ليتوضأ أهل البلدة وكذلك يشربون منه، ثم يملأ «سبيل القرية» ليشرب الناس وهناك سبيل ممتد للبهائم تشرب منه، و«الملقة»هى ميدان كبير يتوسط القرية وهى ملتقى الكبار الذين يتسامرون فيه وتقام الحفلات الكبيرة على أرضه، كنت طفلًا عندما كان أبوسعيد فى أواخر أيامه كفيفًا ومع ذلك كان بالدلو يملأ خزان مياه المِيضأة والسبيل، كان نحيفًا مخشوشن اليدين. وكان يتمثل بقصة طريفة عن أحد الأولياء الذى كان يأكل من عمل يده ويقوم الليل، وعندما توفى أمسك المغسل يديه وتعجب من خشونتهما فإذا بهاتف يقول له: غسّل يا مغسّل ولا تبالِ، فهذا من ماء طوبة وسهر الليالى «أى من وضوئه بماء شهر طوبة حيث البرد والماء الثلجى ومن سهر الليالى فى العبادة والعمل نهارًا؛ ظلت البلدة تتوضأ وتشرب من دلو أبوسعيد الكفيف الذى كان يمتلك طبلة ويتجول بُعيد منتصف الليل فى رمضان ليقوم بدور مسحراتى القرية بصوته المميز يمر على البيوت فى الظلام- حيث لا كهرباء بالقرية آنذاك- ولذا كان الناس يفطرون بأذان المغرب للشيخ خليل أبوجلال صاحب الصوت الشجى التقى، ويتسحرون على صوت الشيخ أبوسعيد الندى، ويصلّون الجمعة على خُطب الشيخ الولى عبدالحليم الطاهر (رحمهم الله)، كيف كان أبوسعيد الكفيف يمر فى دروب القرية وشوارعها الضيقة كى ينبه الناس للبدء فى السحور، كيف كان يعرف البيوت لأنه ينادى على صاحب البيت باسمه عندما يكون أمام باب داره كى يستيقظ، لم تكن بالقرية ، ولذلك كانت البلدة تنام بُعيد صلاة التراويح وتستيقظ على صوت أبوسعيد وطبلته التى ورثها أبناؤه، يجوبون شوارع القرية اليوم ليوقظوا المستيقظين الذين يرون فى المسحراتى طقسًا رمضانيًا لابد منه.. هل سيختفى المسحراتى فى المستقبل؟ ربما، كم كانت أيامًا جميلة.

< خاتمة="">

قال الشاعر محمد الجارد (1958 – 2015)

مسحراتى

«باعْزف على وتر الكلام لحن الحقيقةً أنْده على كل التواريخ القديمة

أنده على مينا وصلاح الدين

انبح صوتى فى الفضا

حتى الصدى صوته انعدمْ

اصحى يا نايم يا نايم اصحى

ودخلت فى معبد إيزيس

اسأل على أزوريس

واصرخ أنا إزيس

ينبح صوتى فى الفضا

وإزيس بتعبد ربها

اصحى يا نايم يا نايم اصحى»

[email protected]