رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

همسة طائرة

 

 

 

مصر للطيران.. كلمة تحمل الكثير والكثير فى نفوس كل من تعامل معها أو عمل بها أو طار محلقًا فى سماء العالم على طائرة تحمل اسم أغلى اسم فى الوجود مصر.. وتحمل أطهر علم ذلك الذى تخضب «بأطهر دم» دماء شهدائنا الغاليين الذين يقدمون أرواحهم الغالية ثمنًا غاليًا كل يوم من أجل أن يحيى هذا الوطن وهذا الشعب مرفوع الرأس بين الأمم.. أقول هذا القول يا سادة بمناسبة احتفال شركتنا الوطنية بعيدها الثامن والثمانين ففى السابع من شهر مايو الجارى أطفأت الشركة الوطنية «مصر للطيران» شمعتها الثامنة والثمانين من عمر تحليقها فى سماء العالم، وأضات الشمعة التاسعة والثمانين لتواصل التحليق، حاملة اسم مصر وعلم مصر فى كل انحاء العالم، وعبر أكثر من ٨٧ وجهة تتوجه إليها. ٨٨ عامًا مرت من عمر مصر للطيران، استطاعت خلالها أن تحقق نجاحات كبيرة تضىء سيرتها وشمعتها حتى وصلت إلى العالمية بعد أن أصبحت عضوًا بارزًا وفى درجة متقدمة بـ«تحالف ستار العالمى»، التحالف الأقوى فى سوق الطيران العالمى، كما استطاعت أن تخدم أهدافًا قومية ووطنية ولم تخذل يومًا قيادتها السياسية فى أى مهمة وطنية كلفت بها مهما كان حجم المخاطر.. وعبر السنوات الـ٨٨ استطاعت أن تحقق للدولة أهدافًا لا ولم ولن تحققها أى شركة طيران مصرية أخرى تعمل على أرض مصر فعلى المستوى الاجتماعى، استطاعت أن توفر فرص عمل لأكثر من ٣٤ ألف موظف، هم حجم العمالة بها الآن، ولم تتخل قط عن ابن واحد من ابنائها حتى فى أحلك الظروف وأسوأ الأيام ووسط طوفان من الخسائر ينهش فى جسدها الهزيل.. ومع كل ضائقة يمر بها المصريون فى الخارج يبرز اسم مصر للطيران كحل أساسى لمشكلة إعادة المصريين إلى أرض الوطن وهو النداء الذى تلبيه الشركة فى كل وقت ومهما كانت الظروف.. والدور الذى تبذله الشركة الآن فى نقل العالقين من الدول المختلفة رغم توقف حركة الطيران العالمى بفعل أزمة تفشى فيروس «كورونا» «بأمر من الرئيس السيسى» ليس الأول ولن يكون الأخير فى تاريخ شركتنا الوطنية الذى حفر اسمها وتاريخها الذى قارب على المئوية فى نفوس جميع دول العالم حتى شعارها «حورس» هو جزء أصيل من تاريخنا المصرى العريق نحن صناع أعظم حضارة فى العالم حيرت ومازالت تحير كل علماء العالم الآثار والعلوم ومختلف الفنون حتى الشخصية المصرية.

يا سادة.. واقع الحال يقول إن الشركة الوطنية واجهت فى السنوات الأخيرة تحديات جمة، على رأسها بالطبع توقف حركة الطيران تمامًا وهو القرار الذى اتخذته القيادة السياسية حفاظًا على صحة وأرواح المصريين ومن قبلها بالطبع تلك السنوات العجاف التى عاشتها الشركة منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى قبل توقف الحركة تمامًا والذى تسبب فى تكبد الشركة خسائر وصلت إلى ٢٠ مليار جنيه مع انخفاض أعداد الركاب والمنافسة القوية من شركات الطيران الخليجية والمنخفضة التكاليف، بالإضافة إلى ما نتج من انخفاض فى الحركة إلى مصر بسبب ثورات الربيع العربى سواء الحركة العادية أو حركة السياحة الوافدة، وبالرغم من تلك الصعاب التى تدمر أقوى شركات الطيران فى العالم فإن مصر للطيران حرصت على الحفاظ على واجبها الوطنى والاجتماعى والاستمرار فى تسيير معظم نقاط شبكة التشغيل وقتها، وعلى الرغم مما تكبدته من أعباء وخسائر مادية نراها دعمت وشاركت فى تنمية الحركة السياحية للبلاد والاستثمارات والعبور بمصر لتخطى تلك الأزمة مع الالتزام بواجبها الاجتماعى تجاه الاحتفاظ بالعمالة بها مع عدم المساس برواتب ومميزات العاملين فى حين أن جميع الشركات العالمية التى تمر بضائقة مالية قامت بالاستغناء عن جزء من العمالة لما تمثله من عبء مادى فى ظل الخسائر التى يمر بها القطاع أو تخفيض المرتبات بنسبة كبيرة قد تصل إلى النصف. ومع هذا استطاعت وبجدارة القيام بواجبات وطنية وبدرجة عالية من الجدارة والحرفية..

تاريخ شركتنا الوطنية يذكر لها أنها ومع بدء موجة ما أطلق عليه ثورات الربيع العربى قامت فى أسابيع قليلة بنقل 45 ألف مصرى من ليبيا بعد الثورة الليبية، كما أجلت آلاف المصريين من سوريا ومن الجزائر وقبلها من العراق ومن الكويت، حيث كانت طائرات الشركة تطير فوق آبار النفط المحترقة إبان حربى الخليج الأولى والثانية وذلك لإعادة المصريين من الكويت، وكذلك ما قامت به الشركة لإعادة المصريين من أوروبا بعد بركان آيسلندا فى 2011 وها هى الشركة ما زالت تقوم بواجباتها الوطنية فى إعادة المصريين العالقين من كل دول العالم ومن أى مكان... أضف إلى ذلك أن شركتنا الوطنية تعمل على خطوط استراتيجية وسياسية تخدم توجهات الوطن العليا وتفتح الباب أمام توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر والكثير من دول العالم.

يا سادة.. مصر للطيران تاريخ امتد لـ٨٨ عامًا وإن أردنا إفساح المجال لذكر كل صفحة فى تاريخ هذا الصرح فإن المجلدات قد لا تكفى صفحاتها لذكر جهود بذلها بكل إخلاص أجيال وأجيال لحفر هذا الاسم فى سماء العالمية، منذ نشأته وحتى الآن.

همسة طائرة يا سادة.. لا تذكر بدايات مصر للطيران كفكرة إلا وذّكر الأب الروحى والداعم الأكبر لإنشائها، طلعت حرب باشا الاقتصادى الكبير، الذى حمل على عاتقه تحقيق حلم المحاولات الفردية لبعض الشباب المصرى فى ذلك الوقت بتكوين شركة مصرية للطيران المدنى، وكان على رأس تلك المحاولات حلم كمال علوى فى 1929 الذى سافر إلى باريس وتعلم فنون الطيران واشترى طائرة كانت هى الأولى التى يتم تسجيلها فى مصر وحملت حروف التسجيل SU-AAA، وقد أهداها بعد ذلك إلى شركة «مصر للطيران» وتلى ذلك تبنيه لحملة تكوين الشركة، إلا أنها لم تحرك المياه الراكدة ولم يستجب لها أعضاء نادى الطيران المصرى الذى أسسه ولكن مع نجاح وصول محمد صدقى كأول طيار مصرى يصل بطائرته «الأميرة فايزة» من برلين إلى القاهرة فى 26 يناير 1930 جاءت أول خطوة حقيقية فى طريق تأسيس الشركة، حيث تعاون الثلاثة العظام كمال علوى ومحمد صدقى وطلعت حرب لتحقيق الحلم من خلال بنك مصر الذى أسسه طلعت حرب، وأثمرت الجهود عن صدور المرسوم الملكى فى يوم 7 مايو 1932 بإنشاء مصر للطيران.. ودولة بحجم مصر لديها ١٠ ملايين مواطن خارج الحدود لابد لها من شركة وطنية قوية تساعد الدولة فى الحفاظ على أرواح مواطنيها خارج الحدود، ومطار بحجم مطار القاهرة لن يكون مطارًا محوريًا إلا بوجود شركة وطنية قوية تقوم بإدارة الحركة وتنسيقها بما يجعل مطار القاهرة نقطة جاذبة للركاب العابرين.. فتحية لجميع العاملين بالشركة الوطنية برئاسة «الطيار رشدى زكريا» أحد أبنائها، وكذلك وزير الطيران «الطيار محمد منار عنبه» ابن آخر من أبناء الشركة الذين حفروا أسماءهم فى سجل العطاء حتى وصلوا لتلك المراكز وهى ثقة غالية من القيادة السياسية فى أبناء مصر للطيران الذين يقدمون كل يوم للوطن عطاءً لا ينضب فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة والتحدى لتظل مصر للطيران ٨٨ شمعة تضىء العالم كله ولن تنطفئ أبدًا.