عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

وحتى لو تحول الصيادلة والأطباء البيطريون الى أطباء بشريين.. هل يستطيع أحد ضمان أن هؤلاء «المتحولين» لن يلحقوا بزملائهم الذين استقالوا من المستشفيات وهاجروا الى الخارج.. بحثا عن أجور وظروف عمل أفضل؟

مع كامل احترامنا لاقتراح «التحول».. إلا أننا لا نرى فيه الحل الأمثل لمشكلة نقص الكوادر الطبية.. لأن المشكلة ستظل قائمة ما لم يتم التعامل معها بموضوعية.. وما لم يتم التوصل لحلول حاسمة للأسباب التى تؤدى الى هجرة الأطباء.. وهى أسباب تتعلق بثغرات وتراكمات سلبية كثيرة فى منظومة العمل الصحية بشكل عام.

•• قبل أيام

أصدرت نقابة الأطباء رأيا قاطعا فى مسألة تحويل الصيادلة الى أطباء بشريين بعد حصولهم على الدراسات اللازمة لمعادلة الشهادة.. رفضت النقابة الاقتراح جملة وتفصيلا.. شكلا وموضوعا.. وبررت رفضها بأنها ترى أن هذا الاقتراح «يضر بصحة المواطن المصري، حيث أنه من المعلوم بالضرورة ان كل فئة من فئات الفريق الطبى لها دور مهم جدا تقوم به فعلا، وتمارسه طبقا للأصول العلمية والمهنية وطبقا لنوعية الدراسة النظرية والعملية التى درستها لسنوات طويلة، ولا تستطيع أى فئة أن تحل محل الفئة الأخرى، ولا يجوز القول بأن أى دراسة مكملة يمكنها معادلة شهادة علمية وعملية مختلفة».. كما رأت النقابة «أن هذا الأمر سيضر بسمعة مصر الطبية العالمية، حيث انه لا توجد أى سابقة لذلك فى تاريخ مهنة الطب الحديث».

•• بشكل شخصي

لدينا تحفظات عديدة على هذا البيان الصادر عن نقابة الأطباء ردا على الدعوة التى تلقاها النقيب من رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية لحضور اجتماع لمناقشة الاقتراح بمشاركة ممثلين عن جميع الجهات ذات الصلة.. ونعتبر هذا البيان متسرعا.. ويتضمن مغالطات واضحة تدل على أن النقابة تسلك مسلكا تعسفيا وغير موضوعي.. وكان أولى بها أن تتأنى وتقوم بإعداد دراسة وافية تضمنها وجهة نظرها وأسباب رفضها الاقتراح.. ويذهب النقيب بهذه الدراسة الى الاجتماع ويقنع المشاركين بمضمونها.. أما الرفض البات هكذا.. ودون مناقشة.. فهو أمر غير مقبول.

من هذه المغالطات مثلا القول بأن «أى دراسة مكملة لا يمكنها معادلة شهادة علمية وعملية مختلفة».. فهذا غير صحيح لأن نظام الدراسات المكملة ومعادلة الشهادات العلمية هو نظام معترف به دوليا ويؤخذ به فى العالم كله.. كما أنه ليس صحيحا «عدم وجود سابقة لذلك».. وهو ما أوضحه أطباء متخصصون.

كما أنه كان على النقابة باعتبارها الجهة المنوط بها الحفاظ على مصالح أعضائها وتنظيم الأمور الخاصة بممارسة المهن الطبية.. أن تبنى ردها على أساس سليم.. وهو طرح الحلول التى تراها مناسبة لحل المشكلة الأساسية.. وهى نقص الكوادر الطبية العاملة بالمستشفيات والمنشآت التابعة لوزارة الصحة.. وهجرة الأطباء للعمل فى الخارج بأعداد كبيرة تقدرها النقابة نفسها بأكثر من 120 ألف طبيب.. من مجموع 220 ألف مسجل فى النقابة.

•• لماذا يهاجر الأطباء؟

هذا هو أساس المشكلة.. وهو السؤال القديم المتجدد الذى أجهد بحثا.. ووضعت له إجابات واضحة ومحددة.. لم يؤخذ أحد بها.. ولذلك تفاقمت المشكلة.

كليات الطب يتخرج فيها 10 آلاف طالب سنويا وهذا العدد ليس قليلا.. وكاف جدا لسد احتياجات المستشفيات الحكومية.. ومعنى ذلك هو أن الأزمة الحقيقية ليست فى عدد الخريجين.. ولن تحلها زيادة أعداد دارسى الطب.. ولا تحويل الصيادلة والبيطريين الى أطباء بشريين.. الأزمة تكمن فى أن الأطباء يرفضون العمل بالمستشفيات.. بسبب ضعف الأجور وبسبب تدهور أوضاعهم الاجتماعية وظروف العمل السيئة. فيسافرون الى الخارج بحثا عن مستقبل أفضل.. حيث يتقاضى الطبيب فى الدول الأوروبية أكثر من عشرة أمثال ما يتقاضاه زميله فى مصر.. وهو مبلغ يتراوح بين 1800 جنيه للطبيب حديث التخرج و2600 جنيه للإخصائي.. بينما يستطيع هذا الطبيب إذا سافر الى بعض دول الخليج العربى مثلا أن يتقاضى راتبا شهريا يتراوح بين  50 الى 60 ألف جنيه.

نقابة الأطباء نفسها نبهت كثيرا الى هذه المشكلة.. وحذرت من أن ظاهرة هجرة الأطباء بلغت مستويات كبيرة.. ترتب عليها أن القطاع الصحى المصرى أصبح يعانى من عجز فى عدد الأطباء قدره نحو 30%. ويضاف إلى هذا الوضع غلاء الأدوية مما يزيد من تأزيم الخدمات الصحية فى البلاد.

•• باختصار

ستظل هذه الأزمة قائمة ما لم يتم الإسراع بإيجاد حلول واقعية وعملية للمشكلة الأساسية.. وهذه الحلول يجب أن تضمن للطبيب الحد الأدنى من العيش الكريم.. والأهم من ذلك هو الظروف المناسبة للعمل.. وهو ما يقتضى تطوير المنظومة الصحية بالكامل.. والبداية الحقيقية لهذا التطوير هى الاعتراف بأن هذه المنظومة تعانى بالفعل من جوانب خلل جسيمة على كل المستويات.