رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

أهدى الكاتب يوسف السباعى روايته الشهيرة «أرض النفاق» إلى نفسه.. وفاجأ القراء والنقاد بذلك، فمن المتعارف عليه أن يعبر الكاتب عن امتنانه فى إهداء يسجله فى مقدمة كتابه إلى آخرين من عائلته أو أساتذته أو للذين ساعدوه فى إنجاز الكتاب.. ولكن أن يهديه إلى نفسه فهو الجديد.. وبرر السباعى ذلك بسببين.. الأول أنه مثل كل البشر يحب نفسه ويود أن يكرمها.. والثانى فلأنه رأى إن لم يفعل ذلك.. لكان أول المنافقين.. فى أرض النفاق!

 وما لم يقله الأطباء عن فيروس كورونا أنه يصيب الإنسان بداء الصدق.. ككلب عقر البشر فأصابهم بالسعار.. وكورونا أظهر الناس على حقيقتها، وبقولها كما هى بدون زيف وادعاء، وكما لو أنهم جميعا وضعوا على جهاز كشف الكذب.. فقالوا غصبًا عنهم ما بداخل نفوسهم.. وهكذا فضح الفيروس المتسترين بالدين والأخلاق والفضيلة.. وبالأموال والجاه والسلطان.. حتى أنه أزاح الغطاء عن المتغطرسين بالعلم سواء على مستوى الدول أو الأفراد.. فكل الدول الغنية المتقدمة.. ضحوا بالمواطنين من أجل عودة عجلة الاقتصاد.. والطبقة الثرية المتخلفة تخلت عن إنسانيتها فى التعامل مع الذين يعملون على أرضهم.. فأين ذهبت حقوق الإنسان، ومنظماتها ومناصريها.. وأين ذهبت الأديان؟.. الحقيقة أن الكورونا كشفت كل سكان أرض النفاق هنا وهناك!

والحال كذلك عندما خرج سكان قريتين يرفضون دفن طبيبة خوفًا من الفيروس بصورة غير إنسانية.. أو سكان المدن الذين تنمروا بالطبيبات والممرضات.. مع أنه من المؤكد أن معظم سكان القريتين والمدن يحافظون على صلواتهم فى المسجد أو الكنيسة ونصفهم على الأقل ملتحٍ وكل نسائهم محجبات.. فأين ذهب كل هذا الدين.. وأين ذهبت الأخلاق والفضيلة؟.. الحقيقة أن الكورونا كشفت كل سكان أرض النفاق هنا وهناك!

وبالقياس على إهداء السباعى لنفسه.. من الضرورى أن يراجع كل إنسان احتياجاته، ويحدد أولوياته المهمة، واهتماماته الحقيقية، وأن يكون متسقًا مع نفسه ومع دينه وأخلاقه.. ما يقوله يفعله، وأن يعيش كإنسان، لا كواحد من قطيع فى أرض النفاق هنا وهناك!