رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

مع تكشيرة اعتادت أن «تفصلها» على كل ملامح وجهها كالسجانات، لترهب الماثلين والمارين من تحت يدها، قالت فى صرامة مبالغ بها أوامرها بلغة انجليزية ركيكة تذكرنى بمعلمة الانجليزى فى فيلم «عسل إسود»، وهى تصيح فى وجه الآنسة المحترمة بنت الناس «اب» «شوذ أف»، امتثلت الانسة وهى تخفى ابتسامة ساخرة من اللغة الانجليزية الركيكية، وتحاول ان تزدرد صرامة مفتشة الأمن وتكشيرتها الصعبة امتثالاً لـ«الوصايا» العشر التى صبتها بأذنها، بان تنفذ كل ما يطلب منها دون اعتراض حتى لا تتعطل عن طائرتها وتضيع عليها آلاف الجنيهات ثمن التذكرة، ومواعيد دراستها المنتظرة هناك.

هذا المشهد القبيح يحدث كل دقيقة فى مطار القاهرة الدولى كما حدث مع ابنتى، للأسف رجال وسيدات الأمن سواء فى الجوازات او الجمارك، او تأمين صالات المطار كلهم نسخة واحدة -الا من رحم ربى - تكشيرة ومدة « بوز» ما يعلم بها الا ربنا يستقبلون ويودعون بها المسافرين من أى جنسية، وكأن الصرامة هى التى ستكشف لهم اللصوص والمهربين والارهابيين وتجعلهم ينهارون ويعترفون، وليس التكشيرة فقط، بل اسلوب المعاملة الحاد، وكأن من يجيئون من الخارج او من يغادرون المطار مشتبه بهم جواسيس وارهابيين وولاد «.... » لازم نكرّهم فى «ام البلد» منذ ان يضعوا اقدامهم على ابوابها داخل المطار.

ناهيك عن اللغة الإنجليزية الفذة التى تذكرنى بالإنجليزى بتاعنا فى الإعدادية زماان واحنا فى المدارس القومية البسيطه، فإذا بالسيدة او السيد على البوابة الالكترونية يأمر المسافر وهو يفتش فى أسلوب استفزازى «اب» يعنى ارفع ايدك فوق، و«شوذ اف» يعنى اقلع جزمتك وحطها فوق « سير» التفتيش الالكترونى، وذلك عوضاً عن جمل انجليزية راقية مثل « ريز يور هاند اب بليز»، او « كان يو بليز تيك يور شوذاف» جمل لا تفرق ثانية فى الوقت، ولكنها ستشعر المسافر بانه بنى آدم مرحب به وليس متهماً او سجيناً ضمن مجموعة الترحيلات، ولو هؤلاء لا يتقنون الانجليزية الراقية يمكن تلقينهم هذه الجمل مع كتابتها بالعربى كده مثلما كتبتها.. فلا يضعون انفسهم موضع سخرية وحرج مع اجانب او مصريين يقيمون بالخارج، لأن القادم لمصر سيجد بهذه المعاملة واللغة ان اول القصيدة «كفر».

للأسف لا يتم انتقاء الكثير من عناصر الأمن فى المطار من أشخاص مدربين على حسن معاملة البشر، وأول التدريب الابتسامة وكلمات الترحيب، واللغة الانجليزية المحترمة وليس «انجلش اول ذات تايم»، يا ساده من يلومنى فيما أقوله، عليه بزيارة اى دوله فى الخارج ليعرف كيف يتم التعامل مع المسافرين بمنتهى الرقى والأدب والاحترام وتقديم العون والمساعدة بكل الإمكانيات، ولا أبتغى تجريحا بل نقدا بناء لأجل صورتنا فى الخارج التى نبدأ بتشويهها فى مطار القاهرة الدولى، نستقبل بالتكشيرة وسوء المعاملة والصرامة الوافدين، ونودعهم بها، فلا نترك لديهم الا كل الانطباعات السيئة.

ابنتى المصرية الأصل أوروبية المولد والمنشأ، كلما جاءت لمصر، غادرت المطار حزينة آسفة لما تراه فى اروقة صالات الوصول والسفر، من غضب مرسوم على وشوش رجال الجوزات والجمارك والأمن «إلا من رحم ربى» ومن الصرامة وسوء المعاملة ، واللغة الإنجليزية البشعة التى يتعاملون بها، ابنتى تحلم ان تنهى دراسة القانون الدولى وتعود لوطنها بمشروع قانونى وإنسانى يحمى أولاد الشوارع وينقذهم ويعلمهم ويؤهلهم للحياة، ابنتى غادرت القاهرة هذه المرة، وقد فقدت حقيبة سفرها الوحيدة التى بها كل ملابسها واحذيتها ذات الماركات ومجوهراتها، وبها اشياء هدايا ثمينة ارادت ان تهديها من مصر لزملائها، ولا يزال البحث جارياً بين مطار هولندا والقاهرة عن مصير الحقيبة، ابنتى انا آسفة عن كل شىء.. قد أعوضك عن حقيبة سفرك.. ولكن كيف أعوضك عن سوء معاملة كثير من بشر لا يقدرون المسئولية ولا يعرفون كيف يقومون بواجبهم كما يحب الله ورسوله، ولا يحبون مصر كما ينبغى أن تحب.

 

[email protected] com