اشتروا لى عشرة أرغفة بعشرة جنيهات ووضعوا على مائدتى رغيف أبوجنيه، فأخذت أتأمله وتعود بى الذكريات للحرب العالمية الثانية عندما هاجرنا من الاسكندرية للمنصورة والتحقنا بالمدرسة الأولية وكان التلاميذ يتناولون فطورهم فى الطريق عندما يشترون من الفلاحة الرغيف بمليم ويضعون فيه قطعة جبن او حلاوة طحينية أو بيضة مسلوقة ويعملون منه ساندويتش يتناولونه على عجل قبل جرس المدرسة ثم تنجدهم الحكومة بوجبة غذاء مجانية نذكرها ونذكر الرغيف الفلاحى أبومليم وأتعجب للزمن الذى أوصل الناس إلى الرغيف أبوجنيه والمعروف ان الجنيه به مائة قرش صاغ والف مليم ويا سبحان مغير الأحوال من الزمن الجميل إلى زمننا الحالى الذى نشعر فيه بالكثير من الآسى على حال الناس الغلابة الكثيرة الذين يعانون من غلو العيش والمعيشة.
ومن رحمة الله سبحانه وتعالى ان جعل قلوباً كثيرة تحن وترق لمن يعانون قسوة الحياة وغلوها ويزكون عن أنفسهم واولادهم وعما يملكون ولو سيارة يقودونها ويجعلونها نجدة للآخرين مثل البائع المتجول الذى شاهدناه يعرج ويتألم فسألناه اين انت ذاهب فرد بانه ذاهب إلى الكورنيش على بعد مئات الامتار فدعوته للركوب ومعه بضاعته وشدنى اليه بشكواه عن قسوة الحياة مثل الرجل الاخر الذى لمحته يحمل ابنه على كتفه ويجرى بجوار شريط الترام فوقفت وسألته اين هو ذاهب فقال مستشفى الشاطبى للاطفال فحملته معى حتى باب المستشفى وكان الله سبحانه وتعالى يتقبل زكاتى عن العربة فيسترنى بها فى المخاطر كما حدث عندما كنت مسافرا مع اولادى إلى المنصورة ودخلنا كوبرى طويل واذا بالموتور يتوقف تماما عن العمل وانا فى منتصف الكوبرى ودعوت الله ان ينجدنا وتركنا السيارة تسير بقوة الدفع حتى عبرنا الكوبرى واذا بى اجد السيارة تقف امام ورشة ميكانيكى سارع بإصلاح العطب فى السيارة ولسانى يلهج بشكر الله على نجدتى وسيارتى التى أؤمن تماماً بأنها يجب ان تزكى هى الاخرى عن ذاتها وكم من مرة اجد مردود زكاتها خيرًا وبركة ورحمة من الله سبحانه وتعالى.
كل هذه التأملات دارت أمام عينى وأنا انظر لرغيف العيش أبوجنيه واقول.. أليس هذا حرامًا للكثيرين من الشعب الذين يعانون من الفقر والحاجة والغلاء؟؟ واذا لم تدركهم الدولة بسلطانها فهل تدركهم القلوب الطيبة بالعون والمساعدة لوجه الله سبحانه وتعالى؟؟