شهدت مكة المكرمة انعقاد ثلاث قمم على أرضها خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، كانت إحداها قمة خليجية حضرها قادة الدول الخليجية الست، وكانت الثانية قمة عربية على مستوى ٢٢ دولة عربية، وكانت الثالثة قمة إسلامية ضمت كل الدول التى تجمعها منظمة التعاون الإسلامى فى عضويتها، من إندونيسيا فى أقصى الشرق، إلى المغرب فى أقصى الغرب!
وقد كان حدثاً غير مسبوق أن تشهد مكة ثلاث قمم فى وقت واحد، وعلى مدى يومين اثنين، ففى اليوم الأول انعقدت القمتان الخليجية والعربية، وفى اليوم الثانى انعقدت القمة الإسلامية، وبالمناسبة فهذه الأخيرة تنعقد فى موعدها الطبيعى، أما القمتان الأخريان الخليجية والعربية، فلقد كانتا قمتين طارئتين دعا إليهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز!
وعلى هامش القمة الإسلامية دعت رابطة العالم الإسلامى إلى مؤتمر دولى عن قيم الوسطية والاعتدال، حضره ١٢٠٠ شخصية من ١٣٩ دولة فى أنحاء العالم، وفى ختام المؤتمر أصدر المشاركون وثيقة مكة، التى أثارت اهتمام الإعلام منذ صدورها ولا تزال!
هى وثيقة مهمة لا شك من حيث الشكل، ربما لأنها انعقدت فى مكة المكرمة بكل ما تمثله من رمزية لدى كل مسلم، وربما لأن هذا العدد الضخم من دول كثيرة قد حضرها، وربما لأن انعقادها جاء فى شهر الصيام، وربما وربما، إلى آخر الأسباب التى تمنحها أهمية التوقيت والمكان!
هذا من حيث الشكل الذى لا ينفصل بطبيعته عن المضمون!
أما المضمون فلقد تمثل فى الوثيقة التى تحمل اسم مكة، وتسلم الملك سلمان نسخة منها فى حفل كبير أقيم لهذا الغرض على وجه الخصوص!
ومن المهم أن نتوقف فيها عند دعوتها إلى مكافحة الإرهاب، والظلم، والقهر، ثم دعوتها إلى رفض استغلال مقدرات الشعوب، ورفض انتهاك حقوق الإنسان!
إنهما دعوتان مهمتان، وخصوصاً الثانية منهما التى تتكلم عن حقوق الإنسان فى العموم، دون أن تقصرها على حق الإنسان فى التعبير عن رأيه، ولا حتى حقه فى حرية التحرك والتنقل، وإنما تتناول حقوقه بمعناها العام الشامل.. معناها الذى يدرك ابتداءً أن للإنسان حقاً فى أن ينعم بحياة كريمة، وأن له حقاً فى أن ينال تعليماً جيداً، وحقاً فى أن يحصل على رعاية صحية جيدة، وحقاً فى أن يقيم فى سكن آدمى!
وهذا هو وجه واحد من وجوه الجمال فى هذه الوثيقة، التى يجب أن تكون محل اهتمام منا طول الوقت، وموضع ترجمة عملية فى حياتنا!