رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

يقابلنا فى  هذه الحياة أصناف عديدة من الرجال، القليل منهم من يصدق عليهم قوله تعالى «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»؛ فالصادقون من الرجال – خاصة من كتاب الذكريات والمذكرات التى تحكى  عن حياتهم الشخصية وما واجهوه فيها من مواقف – قليلون بل قل نادرون!!

والحقيقة إنه حينما أهدانى  د. زقزوق كتابه «رحلة حياة – ذكريات وحقائق وتجارب حياتية» لم أشك لحظة فى أننى  أمام  أحد هؤلاء الرجال الثقات الذين تزينت حياتهم بالصدق وغلبت على سجاياهم الفاضلة الأخرى وأمام كتاب مختلف تملأه الحقائق الكاشفة عن كل ما لم نعرفه عن حياته وعن كل ما جهلناه من حقائق كامنة خلف الكثير من المواقف والقرارات التى اتخذها كما سنجد فيها ردا واضحا على الشائعات المغرضة التى عانى منها فى مسيرته الحياتية خاصة أنه ممن شغلوا الكثير من المناصب المهمة سواء فى جامعة الأزهر التى تخرج فيها وفضل العمل بها - بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة ميونخ الألمانية رغم أنه كان قد رشح فى نفس الوقت للعمل  بكلية دار العلوم – وتدرج فى مناصبها حتى وصل إلى عمادة أهم كلياتها – كلية أصول الدين ثم نائبا لرئيسها أو المناصب السياسية فى الدولة، حيث تولى وزارة الأوقاف لمدة خمسة عشر عاما كاملة وفى ذات الوقت كان رئيسا للجمعية الفلسفية المصرية لمدة زادت على العشرين عاما وقد حدث فى هذه السنوات ما حدث مما كان يجعل د. زقزوق دائما محطا للأنظار وهدفا للقيل والقال.

ومن هنا ولكل هذه العوامل تأتى أهمية هذه الذكريات المليئة بالحقائق والتجارب الحياتية التى سجلها صاحبها بعد أن بلغ فى عمره المديد أكثر من خمسة وثمانين عاما، حيث ولد د. زقزوق فى السابع والعشرين من ديسمبر عام 1933م بقرية الضهرية التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية، وبعد أن تخلص من أعباء هذه المناصب الحكومية والعلمية عموما لم يبق له منها إلا عضويته فى المجلس الأعلى للشئون الاسلامية وبعض المجامع والهيئات الاسلامية فى مصر والعالم الاسلامى  واشرافه على رئاسة تحرير مجلة الأزهر.

إن قارئ تفاصيل هذه الرحلة الحياتية الطويلة للدكتور زقزوق التى كتبها بأسلوب سلس مباشر ممتع وهادئ  يكتشف أنه أمام شخصية وطنية مصرية رائعة منذ بداية حياته فى القرية التى ولد فيها وحاول فيها مع أقرانه من تلاميذ القرية تأسيس ناد ثقافى مستقل يمارس فيه شباب القرية الأنشطة العلمية والفنية والرياضية المختلفة ليواجه لأول مرة فى حياته أولى التهم والشائعات من قبل حساده ومنافسيه من أتباع الاخوان المسلمين بأنه يمارس أنشطة بالمخالفة للقانون  رغم أنهم حينئذ كانوا يقومون بأنشطة ثقافية وفنية للاحتفال بذكرى ثورة يوليو 1952م، ثم تطوعه بعد ذلك أثناء العدوان الثلاثى على مصر للدفاع عن الوطن مع أقرانه من طلاب الأزهر، وتمتد صور الوطنية وحب الوطن لفترة بعثته التى قضاها فى ألمانيا والتى حدثت أثناءها حرب 1967 م ومدى حرصه على المشاركة الفاعلة فى أنشطة نادى  الطلبة العرب ومتابعة أخبار بلده واصراره على أن يأخذ إجازة شهرا من البعثة لينزل للاطمئنان على أهله ويستعيد الدفء العائلى  بين الأهل والأصدقاء والعودة بعد ذلك رغم ما عاناه من تعنت وجمود كاد يفقد معه القدرة على العودة إلى ألمانيا واستكمال دراسته وتقطر كلماته هنا حبا لوطنه حينما يقول بعد أن بذل مجهودا ضخما طوال ثلاثة شهور للحصول على اذن بالسفر «وأخيرا جاء الفرج وزالت الغمة وحصلت على تأشيرة الخروج فحمدت الله ولكنى  لم أفقد حبى لمصر وانتمائى  لكل حبة رمل فى أرضها». وبالطبع كان يمكن للشخص الذى واجه هذه الظروف أن يفضل آنذاك مواصلة حياته فى الغرب بألمانيا خاصة أنه قد تزوج زميلته الألمانية، لكن ما حدث أنه قد انتهى من دراسته وحصل على شهادة الدكتوراه وعاد مع زوجته إلى القاهرة ليبدأ مرحلة أخرى من الكفاح حتى يتمكن من الانتقال من العمل الإدارى  إلى  العمل فى التدريس بجامعة الأزهر مستفيدا من شهادته العليا.

فكيف واجه د. زقزوق التحديات الحياتية والعلمية التالية وكيف وصل إلى ما وصل  إليه وما الحقائق التى كشف عنها حول قراراته ومعاركه أثناء توليه منصبه الوزارى؟ ذلك موضوع المقال القادم.