عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى تقرير مهم لقناة 24 الإخبارية الإسرائيلية، مبنى على استطلاع سنوى للرأى، أذاعته القناة منذ فترة لتبين فيه مستويات الأمن والأمان بين دول العالم، جاءت سنغافورة فى المقدمة، فهى البلد الأكثر أماناً فى العالم، تليها النرويج وأيسلندا؛ والمفاجأة على حد ذكر التقرير أن مصر تقدمت على الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فى مستويات الأمن.

وقد كانت أسئلة الاستطلاع للمواطنين مباشرة، فهى تسأل عما إذا كانوا يشعرون بالأمن وهم يمشون ليلاً فى الشوارع، وما إذا كانوا قد وقعوا ضحايا للجريمة؟ فجاءت مصر فى المرتبة السادسة عشرة من بين مائة وخمس وثلاثين دولة على مستوى العالم، ما جعلها الدولة الأكثر أماناً فى إفريقيا؛ وهى مرتبة تساوت فيها مع الدنمارك وسلوفينيا والصين.

واللافت للنظر فى التقرير أن بريطانيا احتلت المرتبة الحادية والعشرين، بينما الولايات المتحدة الأمريكية احتلت المرتبة الخامسة والثلاثين؛ أما إسرائيل فقد افتقرت إلى توفير الأمن الداخلى لمواطنيها كما ينبغى، حيث جاء ترتيبها الخامس والأربعين على مستوى العالم؛ أما الدولة الأقل أماناً فى العالم فكانت فنزويلا.

لا أستطيع أن أخفى سعادتى وأنا أستمع إلى هذا التقرير، برغم أنه لم يبين الأسس التى قام عليها، ولا نوعية العينات التى تم استطلاع رأيها هل من المصريين أم من السائحين، أو الكيفية التى قاسوا بها الرأى؛ كما لا أستطيع أن أخفى حُزنى وأنا أقرأ تعليقات بعض المتابعين للخبر، التى تشير إلى عكس ذلك.

عدت بذاكرتى القهقرى، نحو سنوات ليست بالبعيدة، تذكرت عقب ثورة 25 يناير 2011 كيف كانت البلاد مشتتة لا أمن ولا أمان فيها، وكيف تمكنت قوى بعينها من نشر الإرهاب بين الموطنين والإيقاع بينهم وبين مؤسسات الدولة، وكيف كانت هناك قوى خارجية تتحرش بمصر وقتها لتوسيع الهوة بين الشعب ومؤسساته، معتمدة على قوى الشر الداخلية. وكان كل من أوتى قدراً من السفالة يهاجم السيارات على الطرق السريعة وداخل المدن، وقد تعرضت شخصياً لواحدة من هذه، لولا عناية الله.

تذكرت كيف قام بعض الخارجين على القانون بنهب المحال العامة والمولات، بل الهجوم على أحد مرشحى الرئاسة آنذاك، وقاموا بضربه والاستيلاء على متعلقاته وسيارته، فما بالنا بالبسطاء من الشعب الذين عانوا الأمرين.

وقد نشرت بعض الصحف آنذاك تقريراً عن سيارات مصرية مسروقة تم تهريبها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة. وانتشر ما عرف باسم اللجان الشعبية، التى منحت نفسها بنفسها سلطة التوقيف والتفتيش والتحقيق والمصادرة، وغير ذلك من مهام رجال الشرطة والقضاء؛ حتى أصبحت شوارع المحروسة نقاط تفتيش أهلية لا شرعية لها. والحق يقال إن بعضها كان قائماً من باب توفير الأمن للشارع أو للعقار، والبعض الآخر كان على العكس يستحل لنفسه ما يملكه الغير.

ومع ثورة الشعب فى 30 يونيه 2013، اتحد الجيش والشرطة معاً ليعيدا الأمن والأمان إلى ربوع المحروسة، وما زلنا نذكر كيف كانوا يقومون بتوقيف أى إنسان يهدد أمن المواطنين مهما كان حجمه؛ وكم من أبناء الجيش والشرطة استشهدوا كى نصل إلى النتيجة التى أذاعها التقرير، والتى تستوجب أن نترحم على شهدائنا الأبرار ونكرم ذكراهم متى استطعنا؛ فما كان للإرهاب أن يخبو، وتنكسر شوكته لولا الإصرار والعزيمة، وبسالة أبناء مصر من أبناء الجيش والشرطة والمدنيين الشرفاء الذين، وهبوا أرواحهم للحفاظ على أمن الوطن وسلامته.

وبرغم تحفظى على التقرير لأسباب فنية، يجب أن نقر بالجهود الملموسة التى بُذلت لتطوير جهاز الشرطة فى السنوات الأخيرة، ويجب أن نعترف بالجهود الهائلة التى تبذلها القوات المسلحة لتوفير الأمن والأمان للمواطنين، لكى نحيا كراماً. وفى الوقت نفسه لا يزال المواطن بحاجة إلى مزيد من الجهد لضبط إيقاع الشارع العام وحركة المرور، وتوفير السبل اللازمة لتحقيق الأمن الفكرى والأمن الاقتصادى إلى جانب الأمن العام المألوف لنا.

* كاتب وأستاذ أكاديمى