رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

 

 

اصطحبتُ ابنى الصغير عمر لأداء صلاة الجمعة وبدا المسجد جميلاً فى صمت وخشوع وسرعان ما تبدّد هذا بمجرد صعود الإمام المنبر، لأنه جعل السماعات الداخلية العالية أكثر من عدد أعمدة المسجد، وما إن تكلّم حتى ارتجت جنبات المسجد بصدى صوته الجهير الذى لا يحتاج إلى ميكروفون لإيصال صوته؛ فالصوت عالٍ، وبدأ العلوّ يعلو وكأنه أُصيب بتشنج، فراح يصرخ فارتعد الطفل عمر، وماذا أفعل؟ لا أستطيع أن أكلمه ليهدأ حتى لا ألغو، فأمسكتُ يده حتى يسكن؛ لكن الإمام يصرخ والسماعات تجلجل صوته الخشن وكأنه فى معركة، وعمر يرتعش مع كل صرخة.

لماذا يزعق؟ هل لإيصال صوته؟ لا يحتاج لهذا لأن صوته جهير، هل لإيقاظ النائمين فى المسجد؟ لا يحتاج لعلو الصوت، وإنما يحتاج إلى تجديد خطابه الدعوى.. يحتاج الخطباء والوعاظ إلى علوم يجب دراستها، مثل علم وسائل الاتصال..علم الاجتماع، علم النفس، علم الإلقاء، وقبل هذا أو ذاك أن يعيشوا حياة الناس، أن يلتحموا بمشكلات عصرهم، أن يقتربوا من الشباب ومن قضاياهم، أن يتكلموا فى موضوعات حياتية، أن يجمعوا بين الترغيب والترهيب، لا أن تتحول الخطب إلى ترهيب مستمر منذ القبر إلى الحشر، ألم يسمعوا شيئاً عن الرحمة التى وسعت كل شيء؟ وعن النبى (صلى الله عليه وسلم) الذى أُرسل رحمة للعالمين؟ وكيف أَسرَعَ (صلى الله عليه وسلم) فى الصلاة لسماعه بكاء طفل؟

ويجب عقد دورات تعليمية لأئمة الوعظ والإرشاد، فهو أمر بات أمراً ملحاً، ولماذا لم يسأل الخطيب نفسه: لماذا يحضر المصلون قبيل انتهاء خطبته؟، وبعضهم يتعمد هذا، وهو خطأ، لكنه يهرب من ضوضاء المسجد وزعيق الخطيب؛ الحُسنى هى أساس الدعوة «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» هذا هو أساس الدعوة، وربما قبل اختراع الميكروفونات كان الخطيب مضطراً لإعلاء صوته حتى يسمعه المصلون، لكنه الآن مع مكبرات الصوت صار صوته مسموعاً، وما عليه إلا أن يجوّد من متن خطبته وتنغيم صوته وإقناع المستمعين؛ لكن التلوث السمعى بعلو الميكروفونات لن يفيده فى شيء، وعليه أن يكتفى بصوته الجهير داخل المسجد حتى لا يرتعش عمر وأمثاله ويسألنى: لماذا يزعق الخطيب؟

مختتم الكلام:

لا تلتفتْ إلى الوراءْ

لم تُقْسَمِ العيْنان للأمامِ والوراءْ

غد يجيءُ فى سحابةٍ سوداء

لكنَّ مِن ظلامهِ

سيبزغُ الضياءْ

لا تلتفتْ إلى الوراءْ

فالنهرُ لا يعودُ للوراءْ

 

[email protected]