رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

‏ýالهاكرز.. هو النسخة الحديثة من نشال الأوتوبيس، وحرامى الغسيل.. والهاكرز يمكن أن يكون شخصاً أو مجموعة لديهم مواهب تقنية بسيطة، تمكنهم من اختراق أجهزة الكمبيوتر أو الموبيلات بسرعة وسهولة مثل خفة يد النشال فى التسلل الى جيوب البنطلونات وشنط السيدات، وفى رشاقة حرامى الغسيل فى الجرى والقفز من على أسطح المنازل خفيف خفيف على رأى الفنان محمد رضا حرامى الغسيل والسجين الظريف «جنجل أبوشفتورة» فى فيلم «٣٠ يوم فى السجن» مع الفنان فريد شوقى، وكان «رضا» يقوم بدور حرامى غسيل وقال مقولته المشهودة: «الواحد لما بيشوف الغسيل بيرفرف، قلبه بيرفرف معاه».. والهاكرز كذلك ما ان يرى جهازاً متاحاً على سطح شاشة جهازه الكمبيوتر حتى يخترقه ويستولى على محتوياته من معلومات وصور بخفة وسرعة!

وغالباً الهاكرز فى مصر من الشباب والصبية، وسرقاتهم خائبة مثلهم، ولا تزيد على اختراق حسابات التواصل الاجتماعى مثل «الفيس بوك» و«انستجرام» وسرقة الصور الشخصية، وخصوصاً البنات بالطبع، اللاتى يسهل ابتزازهن للحصول على مبالغ لا تتعدى عن عشرات الجنيهات مقابل استرجاع حساباتهن أو صورهن الخاصة.. مثلما فعل هاكرز فرشوط المقبوض عليه.. وأكرر السؤال الذى سبق وطرحته فى المقال السابق.. هو هل يمكن اعتبار هذا الشاب مجرم يستحق السجن مع سجناء كبار فى السن والخبرة فى الإجرام لمدة تتراوح ما بين سنة أو سنتين وهى فترة كافية لتحوله إلى مجرم محترف، أم أنه يحتاج إلى التقويم والتعرف على مشكلته الحقيقية التى دفعته لارتكابه جريمته التى عادة لا يكون الدافع فيها السرقة أو الحصول على الفلوس ولكنها لا تزيد على محاولة للتجريب والتسلية أو شكل من أشكال تحدى النفس ومحاولة لاكتشاف قدراته التقنية لا أكثر؟

أعتقد أن هؤلاء اللصوص الجدد يحتاجون الى معاملة جديدة، فلا يكفى وضع قانون جديد لتجريم الجرائم الإلكترونية، لمواكبة تطور نوعى فى الجريمة فلابد أيضاً تطوير طريقة التعامل مع هذا المجرم.. ومهم إعادة التفكير فى الفائدة من سجنه.. هل هو العقاب أم الانتقام، والفرق بينهما كبير.. فعادة ما تكون جريمة الهاكرز هى الجريمة الأولى له، وغالباً يكون صغير السن حتى ولو تجاوز الثامنة عشرة من عمره.. وهذه الجريمة الاولى فى كثير من دول العالم مثل أمريكا وأوروبا يكون العقاب فيها مخففاً، ويزيد هذا التخفيف فى العقوبة إذا كان المجرم صغير السن.. وهذا لا يعنى عدم محاكمته أو تجريمه ولكن يحكم عليه بالعقوبة المقررة فى القانون سواء بالسجن لمدة ثلاثة أو ستة شهور ولكن لا تكون المحاكمة نوعاً من الانتقام منه.. حيث لابد من أن يراعى كل هذه الظروف، وأن يقضى فترة السجن فى أداء عقوبة بديلة عن حبس حريته داخل زنزانة مع مجرمين عتاة والإنفاق عليه باستبدالها بقضاء نفس الفترة فى العمل الاجتماعى.. حيث يتم إطلاق سراحه للقيام بالخدمات العامة مثل نظافة الشوارع والمرافق العامة من المدارس والمستشفيات والملاجئ.. وهو لا يستطيع الهروب لأنه عند القبض عليه مرة أخرى سيتم اعتبار هروبه بمثابة الجريمة الثانية وبالتالى مضاعفة العقوبة بأكثر من عشر سنوات وداخل سجن مشدد وهو ما يجعل هذا المجرم يفكر ألف مرة قبل حتى أن يفكر فى الهروب!

والعجيب.. إنه لا يوجد فى قانون العقوبات المصرى، ما يسمى بالعقوبة البديلة عن الحبس، حتى إن إيداع المجرمين من الأطفال، والأقل من 18 سنة فى دور رعاية الأحداث، وما أدراكم من الأحداث.. هو نوع من حبس الحرية ولا تعتبر عقوبة بديلة.. بالرغم أننا أكثر حاجة من أمريكا وأوروبا لوجود مثل هذه العقوبة.. لأسباب كثيرة أقلها إنقاذ مجرم هاو قبل أن يتحول الى مجرم محترف.. والأعجب أن الرسول الكريم طبق مفهوم العقوبة البديلة قبل (1440) سنه، عندما اشترط للعفو على أسرى معركة بدر تعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة كعقوبة بديلة عن دفع الفدية أو اعدامهم.. وكان ذلك منه إدراكاً متطوراً يتناسب مع عصرنا، أكثر من عصره، ومع بلدنا أكثر من بلده عليه الصلاة والسلام.. والعجب العجاب أن تطبق أمريكا وأوروبا ما توصل إليه الرسول.. ونحن حتى الآن لم ندرك أهمية العقوبة البديلة لكل أفراد المجتمع بدلاً من الانتقام من مجرم واحد، ولم نعرف بعد كل هذه السنوات، فوائد وضرورة العقوبة البديلة!!