رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 

مثلما يحدث في المسلسلات الدرامية التي تحتوي على قدر هائل من عناصر التشويق والإثارة، وتمسك بتلابيب المشاهدين حلقة بعد أخرى وهم يتابعونها فاغري الأفواه وفِي حالة ترقب لما ستسفر عنه الأحداث، جرت وقائع حادثة اختفاء الصحفي السعودي العالمي جمال خاشقجي بعد زيارة قام بها للقنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا. وعلى الرغم من موقف الإنكار الذي تمسكت به السلطات السعودية في بداية الأمر وتأكيدها على أنه غادر مقر القنصلية، إلا أن خطيبته التي كانت تنتظره خارج مبنى القنصلية أكدت أنه لم يخرج منها.

وتبنت صحيفة الواشنطن بوست التي كان  خاشقجي يساهم بكتابة مقال شهري فيها قضيته، وراحت تبحث عن حقيقة ما جرى وأفردت لهذا الأمر صفحات وفيرة . وانضمت إليها صحف أمريكية أخرى في مقدمتها صحيفة النيويورك تايمز الواسعة النفوذ، وشبكات تلفزيونية منها« سي ان ان »

و شبكة « ام اس ان بي سي». وعلى عكس الرواية الرسمية كانت الروايات الإعلامية تؤكد أن  خاشقجي قتل داخل القنصلية. وأيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرواية السعودية واتخذ موقفًا مؤيدا للسعودية حتى بعد إدراكه أن  خاشقجي قد مات، مؤكدا أنه لن يضحي بصفقة الأسلحة الكبيرة التي أبرمها مع المملكة قبل نحو عامين وتبلغ قيمتها حوالي مائة وعشرة مليارات دولار.

وعلي الرغم من فداحة مأساة مقتل إنسان بغير جريرة، فإن الإعلان السعودي عن الحادث وتأكيد مقتل الصحفي جمال  خاشقجي قلب الأوضاع . أصبح هناك قبول أفضل للروايات الرسمية. صحيح أن البعض لم يكتفِ بما كشف عنه النقاب، بل عبروا عن رغبتهم في الحصول على القصة الكاملة لما جرى ومن بينهم مثلا المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل. وفِي داخل الولايات المتحدة حيث تجري معركة انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الكونجرس كانت عمليات الاستقطاب تجري علي أشدها ما بين أعضاء الحزبين الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس ترامب والحزب الديمقراطي. وكان من نتيجة عمليات الاستقطاب الدخول في مزايدات بين الطرفين في مطالبة الرئيس بفرض عقوبات على المملكة السعودية. أما الرئيس ترامب نفسه فقد تذبذبت مواقفه ما بين تأييد واضح للموقف السعودي وفرض العقوبات.

وقد تباينت مواقف الدول المختلفة وفق مصالحها مع المملكة العربية السعودية وحاجتها إلى الاستثمارات السعودية... وسوف تشهد الأيام القادمة المزيد من ردود الفعل على هذا الحادث المأساوي الذي أودى بحياة كاتب كان يستخدم قلمه وفكره للتعبير عما يؤمن به من أفكار. وقد أسفر الحادث عن العديد من الدروس الإعلامية المستفادة. وأولها أن إعلان الحقيقة من جانب المسئولين على وجه السرعة يقطع الطريق على كل الأكاذيب والافتراءات التي يروجها الأعداء. ففي غياب الحقائق وبالسرعة المطلوبة تنتشر المعلومات المضللة وتكثر. كما أظهر هذا الحادث قوة المؤسسات الإعلامية الكبيرة وقدرتها على التمسك بإظهار الحقيقة مما يكسبها المصداقية المطلوبة في العملية الإعلامية. كما أظهر أن سلاح التسريبات الصحفية سلاح مزدوج يمكن لكل الأطراف استخدامه والمهم هو ذكر الحقيقة والتمسك بها. وفِي حين أراد قاتلو  خاشقجي إخراس صوته فإن تأثيره بعد مماته كان أشد وأعظم أثرًا. رحمه الله.