رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سطور

 

عيب السياسة الأمريكية أنها مراهقة! فإن عمرها لا يزيد على ثلاث عشرة سنة فقط!

وردت تلك العبارة على لسان «لويس هال»، فى كتاب له عن «سياسة أمريكا الخارجية»، وقد صدر هذا الكتاب إن لم تخنى الذاكرة فى بداية ستينات هذا القرن تقريباً، وأذكر أن «لويس» كان قد اشتغل موظفاً بوزارة الخارجية الأمريكية لمدة ١٣ سنة أيضاً!

ولعل من يقرأ هذا الكلام يتساءل.. ولماذا ١٣ عاماً تحديداً؟!

لذا تعالوا بنا نتعمق قليلاً بين صفحات هذا الكتاب القديم، وسأنقل لكم من بين سطوره ما سيجيب بدوره عن السؤال السابق.

ففى إحدى الصفحات يقول «لويس هال»: إن سياسة أمريكا الخارجية ولدت فى ليلة عاصفة، هى ليلة ٢١ فبراير ١٩٤٧م.. ففى هذه الليلة اتصل السيد «آتلى» رئيس وزراء بريطانيا فى ذلك الوقت، بالسيد «ترومان» الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت أيضاً، وقال له: إن بريطانيا قررت أن تنسحب من اليونان! وأن مشكلات بريطانيا الداخلية واقتصادها الذى كاد أن يوشك على الانهيار حينها من جراء الحروب لا يسمحان لها بأن تتحمل أى أعباء أخرى ثقيلة.. ولذلك فهى تدعو أمريكا إلى أن تحل محلها فى أعباء الدفاع عن مصالح الغرب فى تلك المنطقة.. وعلى الفور وبكل ترحيب فقد وافق الرئيس الأمريكى «ترومان».. فيا لها من فرصة!!

وعليه فقد استقر رأى المؤلف «لويس هال» على أن سياسة أمريكا الخارجية عمرها ١٣ عاماً، حيث بدأت منذ ١٩٤٧م إلى أن سطر هو كتابه فى بدايات عام ١٩٦٠م، ولذا وصفها بأنها «مراهقة».. مممممم.

ويقول «لويس» فى معرض آخر من كتابه هذا: إن أكبر نجاح لسياسة أمريكا الخارجية فى تلك الفترة كان «مشروع مارشال» أو مشروع إعادة الإعمار فى غرب أوروبا.. ولكن بجانب هذا المشروع الضخم جدا -الذى ربما سيكون لنا معه وحده مقال مفصل فيما بعد- كان هناك العشرات من المشروعات أو القرارات الأخرى التى كانت تتأرجح ما بين كلمتى الفشل والخطأ، وأن السبب وراء ذلك أو السر ربما يعود - بحسب رأى المؤلف - إلى طفولة السياسة الأمريكية الخارجية حيث لم يتجاوز عمرها فى ذلك الوقت ١٣ عاماً فقط!!!. والتى كانت قد بدأت كما ذكرنا منذ ليلة ٢١ فبراير عام ١٩٤٧م، تلك الليلة التى تسلمت فيها أمريكا رسمياً قيادة المعسكر الغربى حاملة كل أعباء الغرب، لتجد نفسها أمام مجموعة من المواقف المهمة جداً، منها ما هو خطير وما هو مصيرى، وذلك بشكل مستمر ومتوالٍ طوال السنوات التالية لهذه الليلة وهذا التاريخ، ومن مجموع تلك المواقف بدأت تتبلور سياسة أمريكا الخارجية على المستوى العالمى للمرة الأولى تقريبا بهذا الحجم وتلك الكيفية.

هذه السياسة أثارت غضب وسخط بل ودهشة العديد من الدول والساسة فى الغرب الحليف نفسه الذى سلم بيده لأمريكا زمام القيادة. وقد جاء الأمر مخالفاً تماماً لبريطانيا والتى رسمت ونفذت سياستها الخارجية على المستوى العالمى منذ مئات السنين.

ولعل السؤال الذى قد يتبادر إلى أذهان البعض منا، ويطرح نفسه هنا هو: واليوم بعد أن مر ما يقرب من ٦٠ عاماً، وأصبح عمر السياسة الأمريكية الخارجية هو ٦٠ عاماً تقريباً -أى أنه سن الشباب بحسب رأى عالمنا الجليل «الحسن بن الهيثم»، وسن الشيخوخة بحسب رأى الغالبية فى بلادنا الشرقية والعربية تحديداً- فهل ما زالت السياسة الخارجية الأمريكية مراهقة؟! أم أنها فى مرحلة الشباب الطائش؟! أم أنها كما نقول بالعامية فى مصر «عجزت وخرفت»؟!