رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

عرفته قبل ربع قرن من الزمان، عالمًا جليلًا ومثقفًا مستنيراً، ومحدثًا مفوهًا، لا تملك إلا الصمت حينما يتكلم، متابعًا لجميع الأحداث من حوله رغم دخوله فى القرن الثانى من عمره، طاف بعلمه أرجاء العالم الإسلامى لينهل منه القاصى والدانى، عاصر ملوكًا ورؤساء كثرين ما جعله شاهدًا على عدة عصور، حياته سلسلة من الكفاح والجهاد وهبها للدعوة إلى الله عز وجل وأخلص فى الطلب فأعانه مولاه عليه، فقد حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وعلى أن يسخر ذاته للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا، فقضى أكثر من 70 عامًا يدقّ أبواب العلم وقلوب الراغبين فى الصراط المستقيم، وأخيرًا لقى ربه بعد حياة طيبة امتدت 106 أعوام قدم خلالها ما يرضى ربه ويخدم دينه.

قال عن نفسه عندما بدأ القرن الثانى من حياته (لما تذكرت الماضى تمنيت أن يعود شبابى لأكرر مسيرة طلب العلم من جديد، فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر العاملين، وكل ما تمنيته حققته.. فقد تمنيت أن أقابل المؤمن والفاجر، أما المال فقد كفانى إياه الغنى الحفيظ.. لست غنيًا ولكن حسبى بيتى، وبعد ذلك أنا غنى بتقوى الله، أصدقاء العمر توفوا.. لكن أصحابى هم كل شخص يزورنى ويتذكرنى بكل خير وهم والحمد لله بالآلاف.

لا يعرف الكثيرون الشيخ معوض بسبب اختلال معايير القيم، وموازين التقييم، لأننا أصبحنا نلهث وراء من يدَّعون العلم ويزيفون الحقائق.

له مواقف متعددة مع رؤساء وملوك وأدباء بحكم تحركاته الواسعة، منها مع الرئيس الراحل أنور السادات الذى قال عنه، قابلته مرتين.. الأولى حينما كان يتزوج بجيهان قبل الثورة فى بورسعيد وكنت وقتها واعظًا للمدينة، كان هناك احتفال خاص بالثورة الجزائرية ودعانى المحافظ ضمن المتكلمين وكان السادات حاضراً، وعندما ذكر اسمى وقمت لأتكلم خرج معظم الأجانب الذين كانوا جالسين لأننى أرتدى ملابس الأزهريين، ويومها تبادلنا الحديث وكان معجبًا جدًا بحديثى، لكنى أذكر له موقفًا مضاداً.. فعندما دعيت مع مجموعة من العلماء لزيارة اليمن رفض السادات وكان وقتها رئيسًا لمجلس النواب أن يركب معنا الطائرة لأنه يدخن البايب، وفى مطار القاهرة عندما التقينا رفض أن يلقى علينا السلام.. بعض زملائى كانوا أكثر صبرًا منى وطلبوا أن نذهب للسلام عليه، فأقسمت بالله ألا أذهب للسلام عليه لأنه بدأ بالاستخفاف بنا، هو تكبر علينا لكننى اعتززت بالله وبالأزهر الذى قام بتربية رجاله، وفى اليمن دعانا الرئيس السلال إلى الإفطار وقال للسادات: «خير ما أهدته لنا مصر هم علماء الأزهر»، وفجأة وجدنا السادات وكأنه تنبه لوجودنا، فقام ليسلم علينا فى أماكننا، فابتسم زملائى وقالوا لى: «لأنك اعتززت بالله.. أعزك الله».

وله موقف مع الملك الراحل حسين يقول عنه الشيخ كان الملك حسين يعاملنى معاملة خاصة ويقربنى منه أينما ذهب، وفى إحدى المناسبات رأيت الجميع يقبل يده إذا سلم عليه، وعندما جاء الدور علىّ لأسلم عليه رفضت تقبيل يده وسط ذهول وغضب الجميع، ولكن ذلك لم يحرك فى ساكناً، ولم يغضب الملك.

رحل الرجل بجسده ولكنه ترك لنا ميراثًا من العلم والقيم والمبادئ نحن فى أمس الحاجة إليها، بل إنه علمنا كيف تكون الحياة.

 

[email protected] com