لله والوطن
زادت فوضى مواقع «التلاسن الاجتماعي» المسماة زورا وبهتانا بالتواصل الاجتماعي.. وتخطت كل حدود القدرة على التحمل.. وأصبحت طاعونا مفترسا يمزق جسد المجتمع.. ويدمره.. ويستبيح نهش الاعراض ونشر الإفك والضلال والكذب والرذيلة.. والقهر.. والتشكيك في أي شىء وكل شىء.. وللأسف تفشل كل جهود الادارات المختصة في الجهات الرسمية بالدولة في التعامل مع هذه الظاهرة.. وتقدير حجمها الحقيقي.. وتدارك الخطر الذي تتسبب فيه.. كما تعاملت معه باهمال واضح.. ورعونة أحيانا.. باكتفائها بنفي ما يثار على هذه المواقع من أخبار.. ثم يفاجأ المستخدمون بكذب هذا النفي.. وهو ما خلق حالة من إنعدام الثقة في كل ما يصدر عن مكونات الجهاز الإداري للدولة.
< على="" سبيل="">
تنتشر منذ أيام شائعات حول صدور قرار من وزارة التعليم بتحصيل جنيه يوميا من كل طالب عند دخوله المدرسة.. ورغم عدم منطقية ذلك.. ورغم نفي الوزارة ومركز معلومات مجلس الوزراء لهذا الكلام.. إلا أنه مازال متداولا على نطاق واسع بين الناس على أنه حقيقة.. وتفسر الوزارة ذلك بأن المعلومات الكاذبة قد انتشرت عن طريق «حسابات وهمية» باسم الوزير على مواقع السوشيال ميديا.. محذرة من هذه الحسابات.. دون أن تقوم بأي إجراء لوقفها.. إما لصعوبة ذلك أو لعدم علم موظفيها بكيفية التعامل مع هذه الحالة.. وهذه مشكلة أخرى.
مثال آخر لهذه الفوضى.. ما يحدث على مواقع السوشيال ميديا الآن من انتهاك حرمة الحياة الخاصة لبعض مشاهير الرياضة والفن والإعلام.. مثل الاعلامي توفيق عكاشة ـ رغم تحفظنا مهنيا عليه ـ وقصة زواجه ومرضه الوهمي.. ومثل اللاعب الدولي محمد صلاح أمير قلوب المصريين الذي نشر شخص غير مسئول عنوان منزله فتوافد اليه المئات وطاردوه حتى اضطر هو وأسرته لمغادرة مصر حتى يستطيع أن ينعم بإجازته.. والغريب أن البعض يعتبر مثل هذه الانتهاكات شيئا طبيعيا.. باعتبار أنهم شخصيات عامة وحياتهم ليست ملكهم!!.
< من="" أجل="">
طالبنا مرارا وتكرارا بضرورة وضع ضوابط لتنظيم عمل هذه المواقع.. اقتداء بغيرنا من الدول التي سبقتنا في ذلك.. وضربنا مثلا بألمانيا.. البلد العريق في الديمقراطية والعلم والحضارة.. حيث يوجد قانون يلزم الشركات المالكة لمواقع «السوشيال ميديا» بفتح مكاتب لها في جميع المدن.. وظيفتها هي تلقي الشكاوى مما ينشر من مواد تحريرية وصور وتعليقات على حسابات الأفراد.. ويلزم القانون هذه الشركات بالبت في الشكاوى في غضون 24 ساعة.. وإزالة التعليقات المسيئة على الفور.. وإن تقاعست عن ذلك تتكبد غرامات مالية باهظة.
وضربنا مثلا أيضا بالأردن.. حيث يدور الجدل هناك حول إصدار قانون ينظم العلاقة مع الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي.. على الطريقة الألمانية.. يلزمها بالتعاون مع السلطات للبت بشكل عاجل في شكاوى المتضررين من الإساءات.. سواء أكانوا أفرادا أم جهات رسمية.. كما يلزمها بإزالة هذه التعليقات فورا.. وإغلاق حسابات المروجين للأفكار المتطرفة.. بغض النظر عن توجهاتهم.. وهدفهم من ذلك ـ على حد ما أعلنته الحكومة الأردنية ـ هو «كبح ثقافة الكراهية» التي توصلوا الى أنها أصبحت تشكل المصدر الأول و الرئيسي.. لتهديد السلم الأهلي.. كما أن هذه المواقع تحولت الى وسيلة لترويج ثقافة التطرف وتمجيد الإرهاب والإرهابيين.
< هذا="">
هو ما كنا نأمل أن يتضمنه قانون الصحافة والإعلام الجديد.. حيث ان القانون يتعرض فقط الى فرض عقوبات على مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعي في حالة إساءة الاستخدام.. لكنه لم يتعرض لأدوات التعامل مع هذه المواقع ومسئوليتها القانونية عن إساءة استخدامها.. وهو ما نرى أنه لن يتحقق الا وفقا لهذا «النموذج الألماني».. ونتمنى أن تحظى هذه المسألة بالاهتمام من جانب نواب البرلمان الذين يناقشون هذا القانون الآن.