رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرفت علي المثقف السعودي النبيل الأستاذ محمد سعيد طيب قبل عشرين عاماً من الآن ودعاني لحضور صالونه الأسبوعي الشهير «التالوتيه» نسبة إلى يوم انعقاده مساء كل ثلاثاء بمنزله بمدينة جده.. ومن عام 1997 وحتى 2007 وأنا لم أنقطع عن حضور هذا الصالون الذي كان يرتاده نخبه من المثقفين السعوديين المنتمين لكل ألوان الطيف السياسي والثقافي.. ومناسبة الحديث عن الاستاذ محمد سعيد طيب الناشر والمستشار القانوني والإصلاحي الكبير صدور كتاب للدكتور حمود أبوطالب (طبيب سعودي) حمل عنوان «جده.. مساء الثلاثاء- مجتمع في صالون» والذي يقدم بين سطوره فهمه لهذا الصالون وتجلياته في الحياة العامة السعودية.

حفل توقيع الكتاب كان بفندق سميراميس يوم الجمعة الماضية 6 أبريل وحضره الكثير من رموز النخب المصرية والسعودية.. أنا لست بصدد الحديث عن الكتاب ولكنى لاعتبارات شخصية أكتب عن هذا المثقف الذي لم يتزحزح عن حافة مبادئه طوال ما يقرب من نصف قرن- وطنياً شريفاً وعروبياً وقومياً دفع ثمن إيمانه بنفسه وفكره غالياً في زمن بدت فيه للبعض- أو هكذا تخيلوا- أن فعل التنوير من الشيطان وأن اعتلاء جسور الوهم أفضل من السباحة في بحور الحقيقة.. وشهادة عشر سنوات من حضورى لهذا الصالون والتي لم يطلبها منى أحد ولكنها شرف مصارحة النفس والغير أن هناك في تاريخ بعض الأوطان فترات تظل خلالها تبحث عن ذاتها وعن مشاعل نور تهديها للمستقبل.

خلال هذه الحقب من البحث عن الذات يكون الوطن أشبه بجبل ضخم لا يلتفت إليه أحد وكأنه قدر راسخ لن تمسه يوماً يد التغيير ولن يعاد اكتشافه وأن تغيير الحال من المحال. ولم يتنبه أحد إلى أن الظاهر من الجبل ليس بالضرورة يدل على ما في باطنه.. وفي لحظة نادرة تهب عواصف الكشف والتنقيب لتفاجئ الجميع بأن عروقاً من الذهب  تملأ طيات وطبقات هذا الجبل.. ولكن أحد لم يسأل نفسه- منذ متى بدأت عروق الذهب في التشكل لتصل إلى هذه الحالة من الغنى الذي صرخ بوجه من صادفهم وربما صدمهم.

هذا هو واقع صالون الثالوثية وحقيقة صاحبه ومشعل مصابيحه مساء كل ثلاثاء. هذا الصالون تشكلت بداخله بدايات عروق ذهب وامتدت في باطن جبل الوطن خلال قرابة النصف قرن، ربما لم يصدق كثيرون بأن يوم الاكتشاف قادم  إلا هذا «الجواهرجي» محمد سعيد طيب،  وهذا ليس بغريب على رجل شغل منصب العضو المنتدب لشركة «تهامة للإعلان والنشر» كبرى شركات الإعلام العربي لربع قرن، نشر من خلالها أهم عناوين الثقافة والفكر في العالم العربي وسط ظروف وطنية وإقليمية في غاية الحساسية.

توقيت صدور كتاب عن أقدم وأهم محفل ثقافي عربي- صالون الثالوثية- له أهميته ودلالاته، فالسعودية اكتشفت نفسها كدولة في حالة تماس مع التاريخ أكثر من مرة خلال القرون الثلاثة الأخيرة- إلا أن لحظة الاكتشاف الجديدة أراها قد ولدت فعلياً وتشكلت ملامحها داخل عقل هذا الرجل وبداخل الصالون الذي منه تحولت أنوار الفكر إلى عروق من ذهب أفصحت عنها حتمية التاريخ وقوانين التغير.. محمد سعيد طيب رجل ينتمي لعصر القيم النبيلة وصالون الثالوثية أتصوره كوكباً شق فضاء التاريخ وأخذ مداره.