رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

منذ أن بدأت ظاهرة حصول طلاب الثانوية العامة على أكثر من مائة فى المائة من مجموع الدرجات.. والتعليم فى مصر سقط فى كل امتحان، وفشل فى أن يكون أحد أسباب التنمية.. بل أصبح عبئًا على التنمية.. وهذه الظاهرة بدأت فى أوائل التسعينات، كانت انعكاسًا لتردى نظام التعليم، وليس دليلًا على تقدمه، فعلى مدى 25 عامًا على الأقل، لم نسمع عن طالب واحد من بين هؤلاء الطلاب «العباقرة بالدرجات» أصبح له شأن فى أى مجال.. بل إن جميعهم اختفوا وكأن عبقريتهم هذه كانت عرضًا لمرض انتشر فى نظام التعليم وهو الدروس الخصوصية!

وإذا كان الراحل أحمد زويل حصل على جائزة نوبل السويدية، فإنه لم يستطع الحصول على الدرجات النهائية فى الثانوية المصرية، ولم يتمكن من دخول كلية الطب، والحال كذلك بالنسبة للعالم فاروق الباز والجرّاح النابغة مجدى يعقوب، وجميعهم من نظام تعليم ما قبل ثورة يوليو الأفضل.. والحقيقة أن أسوأ إنتاج لثورة يوليو 52 كان التعليم، وربما يزعل من ذلك إخواننا الذين ما زالوا ناصريين، ويرون فى مجانية تعليم عبدالناصر حسنة عظيمة قد تكفيه لدخول الجنة.. ولكنها، حقيقة، لا تكفى، لدخول طالب واحد إلى الجامعة!

وخلال الأيام الماضية، ترأس رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل أخطر وأهم اجتماع لمجلس الوزراء ربما لا يوازيه فى الخطورة سوى اجتماع الحرب، ورغم ذلك لم يلتفت إليه أحد، ومرّ مرور الكرام كأنه لم ينعقد بالأساس، رغم أن الاجتماع ناقش كيفية تطوير منظومة التعليم المصرى ما قبل الجامعى، والذى يضم نحو 20 مليون طالب وطالبة.. وهو رقم مخيف ومفزع ويقلق أعظم الدول والحكومات والشعوب.. المهم أن الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، قدم فى الاجتماع تقريرًا مؤلمًا يتعلق بالبنية التحتية للمدارس والمناهج ومشكلة زيادة الكثافة الطلابية بالفصول، وأيضا تقريرًا جميلًا عن التحول للتعلم المعرفى والابتكار، ومواكبة التطورات المتلاحقة فى تقنيات الاتصالات والمعلومات والمعرفة الرقمية.. وفى ختام الاجتماع وجّه رئيس الوزراء الوزير بإعداد تقرير «تانى» مفصل يتضمن الملاحظات التى أثيرت خلال الاجتماع «الأولانى» بما فى ذلك وضع تصور محدد لبعض النقاط التى طرحت وتحديد التكلفة التقديرية لها حتى يمكن دراستها فى اجتماع «تانى» بشكل متكامل!

وكما كانت تعاتبنى أمى -رحمها الله- عندما أزورها لأيام قليلة، وأسافر بسرعة مرة أخرى «انت جاى يا ولدى ملامة» يعنى زيارتى فقط لأتجنب اللوم منها وليس أكثر، فإن اجتماع مجلس الوزراء كان «ملامة» حتى لا يقال إنه يهمل قضية التعليم.. والمفترض أن تقرير الوزير شوقى يتضمن الحلول، فما الداعى يا مهندس شريف عمل تقرير فوق التقرير؟.. ومع ذلك إذا كنا صادقين فى تطوير التعليم ليس هناك سوى حل واحد، فى اعتقادى، وهو التوقف عن إلحاق الطلاب بالجامعات مجاناً، وأن يقتصر التعليم المجانى فى الجامعات على الطلاب المتفوقين والمواهب فى كل المجالات، وأن تكون هناك منح كاملة أو جزئية، تمولها الشركات والجمعيات الاهلية، أما الطلاب الآخرون الراغبون فى دخول الجامعة فعليهم أن يتحملوا التكلفة كاملة، سواء بقروض من البنوك يسددونها عندما يعملون بعد التخرج، أو يسددها القادرون منهم، ويظل نظام الالتحاق بالكليات بالدرجات والقدرات.. وبذلك تصرف الجامعات على نفسها بنفسها، ويتم توجيه ميزانية الجامعات التى بلغت 35.8 مليار جنيه فى العام المالى 2017/2018، إلى التعليم قبل الجامعى العام والفنى الذى يكون بالمجان بالكامل، وأن يتم تطويره على أحدث النظم التعليمية.. وهذا هو الحل الوحيد، والنموذج الأمثل، وقد سبقتنا إليه أمريكا، الذى يعتبر نظامها التعليمى من أنجح الأنظمة فى العالم ويوجد بها 41 جامعة من أفضل جامعات العالم فى تصنيف عام 2017، وحصل 304 من علمائها على جائزة نوبل فى مجالات الطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد منذ عام 1901 وحتى الآن.. ونحن لن نكتشف النار أو نخترع العجلة فإذا أردنا التقدم، لا سبيل آخر أمامنا سوى بتعليم حقيقى بأمانة وليس بأسلوب «الملامة».. فهل تفعلها يا رئيس الوزراء؟!

 

[email protected] com