رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مس «ميرى» معلمة تدرس مادة الأخلاق والسلوكيات التربوية وفق منهج علمى وأكاديمى بمدرسة «رمسيس كوليدج» للبنات التى تأسست عام 1907.. ولأسر بنات المدرسة صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعى تتابع عليها حوارات يومية لكل ما يتعلق بأمور بناتها بالمدرسة، وهذا أمر محمود ولا غبار عليه.. أين المشكلة إذن؟

 هناك الآن جدل ساخن بين أمهات وآباء البنات حول الموضوعات التى تدرس لبناتهم فى مادة السلوكيات التربوية والأخلاق- هذا الجدل يظهر إلى أى مدى هناك أزمة ثقافة- بل- وأخلاق عند كثير من المصريين- ثقافة تضخمت تحديدا خلال الحقبة الوهابية التى شوهت الشخصية المصرية وعادت بها قرونًا للوراء.

الحكاية أن الموضوعات مثار الجدل تدور حول مناقشة وتعريف البنات اللاتى فى سن البلوغ بالتغيرات التى تحدث لأى بنت فى الدنيا مثل الدورة الشهرية وخريطة العواطف والمشاعر التى تأخذ فى التبدل، وما هو المفهوم التربوى والأخلاقى للصداقة بين ولد وبنت.

 المدرسة ومن خلال منهج علمى وحوار بناء تشرح للبنات السلوك التربوى السوى والإنسانى الذى يحكم هذه المرحلة وكيف تتعامل البنت مع أنوثتها وحياتها الجديدة التى يفرضها التغير البيولوجى على أى كائن وليس البنى آدمين فقط.. هنا انقسم أولياء الأمور أمهات وآباء إلى تيار مشجع ومقدر لشخصية مس «ميرى» وأياديها البيضاء على أجيال تعاملت معهن كمعلمة وأخت كبرى وأم، وخرجن للحياة العامة شخصيات رائعة ونبيلة فى كل المجالات.

 أما التيار الثانى فهو المعبر عن الثقافة المصرية الوهابية الجديدة التى تحكمت فى أفكار وأذواق المصريين فى العقود الأخيرة.. ثقافة تقول لأصحابها بأن الكذب فى السر أشرف من الحقيقة فى العلن.. ثقافة تقنع أصحابها بأن الأخلاق ليس فيما تفعل بناتنا سرا ولكن فى مظهرهن العلنى الذى قد يكون خادعا ولا يعبرعن حقيقة الشخصية وسلوكها.. ثقافة تسيطر على عقلية كثير من المصريين من أوساط اجتماعية وتعليمية مختلفة ترضى ضعفهم وهوان أفكارهم بأن الشرف لا تحميه إلا قطعة قماش، أما العقل فهو رذيلة ومصدر دائم للخوف والتحسب للخطر.. الثقافة المعاصرة الحاكمة لعقلية كثير من المصريين تدفعهم لمعاداة أى فكرة مخالفة لما استقر داخلهم من مخلفات وهابية عفى عليها الزمن وتنصلت منها حتى الدولة التى احتضنت هذا الفكر وصدرته للعالم.

 المخزى فى الأمر من كتابات أولياء الأمور أنهم يعتبرون مناقشة هذه الموضوعات خطرًا على بناتهم، وبالبلدى قلة أدب- أما الحياة السرية التى كم تعذب وتؤلم وتفسد بناتنا فليست خطيرة مادامت بعيدة عن عيوننا وعيون الآخرين. مشكلة أولياء الأمور وجدلهم حول مشروعية ما تقوم به هذه المعلمة أو تلك يظهر من جانب آخر انعدام وجود فلسفة للتعليم فى مصر منذ أكثر من نصف قرن.. لا توجد فلسفة نعرف منها ماذا تريد الدولة من التعليم؟ ما هى المواصفات والمهارات والثقافة التى يستهدف التعليم من ورائها تخريج أجيال تنهض بهذا البلد، وتنتقل به إلى المستقبل؟ وطالما هذا هو حالنا وتلك هى ثقافتنا فستظل قطارات الشرف تتصادم فى عتمة الأفكار وزيف الأخلاق.