رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

الكلمات تكذب. تلعب. تغدر. تسلب. تلدغ. تخلع ثيابها، وتتمرغ فى وحل الذيوع وطلب الشهرة. تُنكر حقاً وتُعضد باطلاً، وتطلب رضا مسئول، وتلميع ممول، وتصفيق قطيع.

وفى ظنى ــ وليس كل الظن إثما ـ فإنه لايصح أن يطلق البعض مُصطلح « فوضى الإعلام »  موصفا ما نشهده لأن ذلك التوصيف يفترض وجود إعلام يؤثر ويُنوّر ويوجه الناس وُيصلح المجتمع لكن بعضه مُنفلت ومُزرى ومُسيء للوطن والأخلاق والقيم.

الحقيقة مُرة مرار القهوة السادة فى المآتم والأحزان. لا إعلام ولا يحزنون. لا كلمات عاقلة مُتزنة،لا أفكار حديثة،لا مبادرات بناء. زعيق وسباب ولعن واتهام وتخوين وهرتلة. يظُن بعض الكائنات الفضائية أن توجيه السُباب إلى قطر أو تركيا  يُحقق الرفعة لمصر، والنصر للوطن، والكرامة للمصريين، ويجهلون  أننا افتقدنا فضائل التحليل العلمى والقراءة الواعية والفهم المُتزن لما يجرى حولنا.

الناس تريد أن تعرف، تفهم، تتنبأ، تتوقع، وتُلم بما يدور. لن نستفيد من قول فضائى « أردوغان الأغا» أو فلان المُخنث أو الداعر. وإنما نريد كشوفات حقيقية، وتحليلات صادقة، وغوصا أعمق فيما وراء الأحداث دون سفسطة أو جهل.

أتذكر مع الفارق والاختلاف فى التوجهات كيف كان المصريون قبل نصف قرن ينتظرون مقال «بصراحة » للأستاذ هيكل كُل اسبوع ليعرفوا تحليلات السياسة ورسائل السُلطة دون سباب أو لعن. لقد قال الرئيس السيسى يوماً « يا بخت عبد الناصر بإعلامه » وأعتقد أنه كان مُحقا فى توصيفه لمستوى الإعلام المهنى، وأنه لم يكن يقصد أن يكون الإعلام مؤيدا أو مناصرا  له.

فى الصحافة صور مُماثلة لزملاء لا يكادون يفقهون حديثا. يظنون أن مُهمتهم لعن كُل خصم للنظام أو سب كُل مُختلف معه. بعضهم يكتب كأنه يتحدث، فلا يعرف أصولا لمقال أو مضموناً لتحليل، وبعضهم يُكتب له، وآخرون لا يقرأون ولا يطّلعون، ولا يُجهدون أنفسهم قليلا لبحث موضوع  أو السؤال عن أمر.  قليلون يكتبون بوعى وجمال واهتمام  مُتصورين أنهم  يُضيئون نورا فى فضاء مُعتم.

شبكات من الجهل النشط  تدور حولنا. إعلام يُخاطب نفسه. أبطال من ورق، وزعماء من هواء. استغرب البعض شطحات أمانى الخياط، وزوابع مُنى العراقى، وتمثيليات ريهام سعيد، وفلتات أحمد موسى وتامر عبد المنعم وعزمى مجاهد، ولم  يندهشوا أن الهواء كُله مُسمم وأن كافة الفضائيات تبحث عن المُشاهدة، والمرور، والضجيج.

سيقول البعض إن الإعلام حر. سأتفق، لكن تلك الحرية فى كل بلد مُحددة بضوابط، ومُنظمة بقوانين. لا سباب ولا خروج عن الآداب، ولا طعن فى قيم المُجتمع، ولا خرق للأمن القومى، ولا  ترويج لدجل، ولا تدخل فى الحياة الشخصية، ولا تحريض، ولا سخرية، ولا اتهامات مُرسلة، ولا تخوين، ولا تكفير، ولا جرح لعقائد المجتمع.

قلت من قبل ولا أزال أكرر أن الإعلام ليس مُجرد طبلة تُهلل وتُحيى كل خطوة للقائد، ولا هو مدفع رشاش مُهمته تشويه وتدمير كل انجاز. ليس منصة سفسطة، ولا بيت خرافات، إنما هو مرآة مُجتمع، ومركز تبصر، ومفرخة نوابغ وابداع.

يقول الشاعر الأجمل محمد الماغوط «هناك الكثير من الأشياء تستحق الركل أكثر من تلك الكرة المطاطية البائسة».

والله أعلم.

[email protected]