رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

لم أعرف الوطن من البيانات الرسمية، ولا من الأناشيد الحماسية، أو حتى الأغانى الوطنية والعروض العسكرية.. ولم أره فى انكسار عبدالناصر بعد هزيمة 67، ولا فى وجاهة بدلة السادات العسكرية، ولا حتى فى ادعاء مبارك للضربة الجوية.. الوطن الذى أعرفه رأيته فخراً فى عيون زميلي، رقيق الحال، فى المدرسة.. لما فقد شقيقه الذى لم يقاتل فى 67، وكان يحفظ صورته فى كتاب المطالعة داخل الشنطة القماش، وقد قالوا له إنه استشهد ولكن لم يجدوا جثمانه.. ورأيته فى بكاء طفل صغير من جيراننا، شب يسأل عن والده، الذى ذهب إلى نفس الحرب ولم يعد.. وظل يكبر وتكبر معه حواديت عن بطولات والده الذى لا يعرف هل استشهد أم مازال أسيراً؟!

الوطن ليس كمثل كتاب المدرسة تحفظه ليوم الامتحان، وبعد أن تسلّم ورقة الإجابة تنسى كل المعلومات وتمزقه فى احتفالية بدائية أنت وأصدقاؤك وكأنكم ترقصون حول النار.. الوطن كتاب مفتوح تتعلم منه كل يوم بدون معلم، وترى فيه كل يوم الله عز وجل يتجلى على أرضه، وترى الأنبياء والرسل ومعجزاتهم، وترى السيدة العذراء والوجيه الأمثل السيد المسيح يباركونه من سيناء إلى أسيوط، وترى النبى موسى وهارون ويوسف وأولياء الله الصالحين يمشون بين الناس.. فقراء وأغنياء، طيبين، وأشقياء، يجلسون على المقاهى ويشربون الشاى ويأكلون سندوتشات الفول والطعمية.. الوطن شارع وسكن وجيران، وبنت حلوة، وعشق، وسمك ونيل.. الوطن أمن بداخلك قبل أن يكون أمانًا زائفًا فى فلوس أو وظيفة أو منصب أو نفوذ!

والوطن ليس كلاماً أجوف فى نشرة الأخبار، ولا فى أجندة المباحثات الودية واللقاءات المشتركة بين الرؤساء، ولا فى جدول أعمال الاجتماعات الحكومية.. أو فى التوجيهات والأوامر والتعليمات.. الوطن ليس قرارات جمهورية فى جريدة الوقائع الرسمية.. فهذا الوطن لا أعرفه، ولا يمثلنى.. ولم أحبه يوماً!

الوطن فى دماء أبنائه التى تسيل الآن فى سيناء وعلى الحدود لمواجهة مؤامرات خبيثة، ووكالات مخابرات أطلقت عليه كلابها من الإرهابيين والقتلة المأجورين لا تريد شيئا سوى إسقاطه.. الوطن هو مدرسة ومصنع وحقل ومسجد وكنيسة وزغرودة أُم يوم فرح بنتها، وإحساس أب لا يوصف، ولا أحد يشعر به سوى الآباء عندما يحصل الابن على الشهادة بعد سنوات من مذلة النفس، واعتصار القلب.. فهذا الوطن هو الذى أعرفه ويعرفني، ويمثلني.. ولم أحب وطناً غيره!

 

[email protected]