رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ماذا جرى للمصريين؟ لقد اشتهر المصريون بالتحلى بالصبر واحتمال الشدائد وما يستتبع ذلك من إفساح الصدر للخلاف والاختلاف دون اختزان ضغائن أو أحقاد مع ترديد مقولة «المسامح كريم» فى ختام أى جدال يحتدم بين طرفين ويتمسك كل منهما بوجهة نظره مقابل الطرف الآخر. إن من يتابع وسائل الإعلام الاجتماعية بمختلف أشكالها فى الفترة الأخيرة يذهل من كم المعارك المحتدمة بين أطراف يفترض أن بعضهم تجمعهم درجة ما من الصداقة، فإذا بهم يتحولون إلى أعداء شرسين يستخدمون أدنى أنواع البذاءات اللغوية فى سب بعضهم البعض.

وفى القضايا المثيرة للجدل أصبح التوجه الآن نحو ظاهرة باتت تعرف بالهرى، حيث يصبح الجميع ويبيتون وهم يهرون فروة فلان أو علان الذى أخطأ فى رأيهم خطأ لا يغتفر، أو أن يتركز الهرى على موضوع من الموضوعات بغض النظر عما إذا كان أمراً مهماً ويستحق التناول أم أمراً تافهاً لا يستحق إضاعة الوقت. وفى معظم الأحيان فإنهم لا يبذلون أى جهد فى استقصاء حقيقة الأمر، أو استجلاء خباياه. ووسط موجات الهرى تضيع محاولات أصوات عاقلة تحاول إظهار حقيقة الأمر وكشف الملابسات التى أدت إلى سوء الفهم، أو كشف النقاب عن أطراف صاحبة مصلحة فى نشر المعلومات الخاطئة التى راجت بين نشطاء الميديا فى الفضاء السيبرى. ومن الظواهر اللافتة للنظر، إن اهتمام وسائل الإعلام الاجتماعية بالقضايا الفرعية والتافهة يفوق بكثير الاهتمام بالقضايا الحياتية والمصيرية. فالاهتمام بزلة لسان المطربة شيرين والتى أساءت فيها إلى النيل، فاق بكثير الاهتمام بقضية سد النهضة الذى تشيده إثيوبيا على نهر النيل ويتهدد حصول مصر على حصتها من مياه النهر، رغم ما تنطوى عليه هذه المشكلة من خطورة تمس حياة المصريين ذاتها، بينما تنحصر مشكلة شيرين فى مشكلة فردية لإنسانة أخطأت واعترفت بهذا الخطأ واعتذرت عنه، وتقوم نقابة المهن الموسيقية بمحاسبتها. وكان ينبغى أن تتوقف المسألة عند هذا الحد، ولكن غواية الهرى أقوى بكثير من وضع الأمور فى سياقها الطبيعى.

على بساط الهرى جرت مناقشات مطولة ومستحقة فى كل من وسائل الإعلام الاجتماعية والتقليدية حول مشروعية تقديم أحد الإرهابيين فى مقابلة تليفزيونية على شاشة إحدى القنوات المصرية. وقد دار معظم الآراء حول رفض ظهور مثل هؤلاء المجرمين على شاشة التليفزيون لنشر آرائهم الهدامة دون أى مبرر لإعطائهم مثل هذه الفرصة. فهؤلاء الإرهابيون خرقوا القانون ورفعوا السلاح فى وجه المصريين بهدف هدم الدولة المصرية وبالتالى فإنهم لا يستحقون فرصة التحاور معهم. وقد شهدت دول عديدة مثل هذا النقاش من قبل، واستقرت معظمها على رفض منح الإرهابيين فرصة الظهور على شاشات التليفزيون. وعلى الرغم من احتدام النقاش حول هذا الموضوع فى وسائل الإعلام المختلفة، فقد غاب الصوت الرسمى. إذ كان المأمول أن تقوم المجالس الوطنية المختلفة وعلى رأسها المجلس الأعلى للإعلام ببحث الموضوع ووضع استراتيجية واضحة تلتزم بها كل وسائل الإعلام العامة والخاصة. إلا أنه يبدو أن المجلس كان مشغولاً بوضع أسماء القائمة المسموح لها بتقديم الفتاوى الدينية، وهى القائمة التى عدلت وزيدت عليها أسماء، وأخيراً نسفت الفكرة من أساسها بالسماح لآخرين من خارج القائمة بتقديم البرامج الدينية دونما إفتاء!!، وهذا هو صوت العقل.