أحوالنا
وسط عالم حافل بالاضطرابات والتقلبات العاصفة التي تحملها الأنباء كل يوم أطل علينا منتدى الشباب العالمي الأول من مدينة الأحلام الساحرة، شرم الشيخ، طاقة نور وأمل وسلام، ترسل إشعاعها إلى كل دول العالم، أملاً في غدٍ أفضل، أكثر إشراقا وأكثر حنوا على ملايين البشر الذين يعانون من ويلات الحروب وما يتخلف عنها من بلاء وكوارث تغير أحوال ناس من يسر إلى عسر، ومن دعة وطمأنينة إلى نزوح وتشرد في شتى بقاع الأرض مما يفقد الانسان هويته وانتماءه وعنوانه.
ومنذ اللحظات الاولى لافتتاح هذا المنتدى، وضحت نقطة الارتكاز التي يدور حولها هذا التجمع الشبابي الهام، وهي إنسانية التوجه العام للمنتدي. فالنماذج التي يعرضها المنتدى في جلساته تشمل بشرًا من مختلف القارات والعقائد والديانات. وجرى تقديمهم على أنهم بشر يتشاركون مع الآخرين في كل شيء، يعانون كما يعاني الآخرون الذين يوضعون في نفس ظروفهم، ويتألمون كما يتألم الآخرون من فرط معاناتهم، ويأملون كما يأمل الآخرون في عالم أفضل، أقل وحشية واستبدادا، وأكثر عدلًا وإنصافًا.
وقد لخصت الأغنية التي قدمت في الجلسة الافتتاحية للمنتدى بعنوان (حلم العالم) وغناها اثنا عشر مطربًا من العديد من دول العالم هذه المعاني حيث تقول كلماتها: «كلنا مولودين من نفس الأب ونفس الام، وفِي مركب واحدة هنوصل لبر الأمان، ونحلم بمكان فيه كل اللي بنتمناه، وشباب جاي من كل مكان علشان مستقبل أجيال، يبعت رسالة خير من أرض الأمان، أرض السلام».
وقد تراوحت كلمات المتحدثين في الجلسة الافتتاحية بين عرض المعاناة التي يمر بها البشر نتيجة الإرهاب والحروب المختلفة، والتجارب الشبابية الناجحة في خلق فرص عمل والخروج من الظروف المأساوية التي صادفوها في حياتهم. فمن دولة ملاوي تحدثت راشيل سيباند عن تجربتها في تدريب ٨٠ ألف شاب وفتاة على مهارات الابتكار. وروت راشيل بعض النماذج لشباب قام بعمل ابتكارات وتطبيقات تكنولوجية في ملاوي وفاز عنها بجوائز عالمية. كما تحدث الشاب سهيل اليمني عن بلاده وما تعانيه من الحرب التي مر عليها أكثر من عامين وشردت أكثر من خمسة ملايين لاجيء. وقد تبلورت قمة المآسي فيما روته العراقية لمياء حجي التي قام إرهابيون من داعش باختطافها وبيعها في سوق النخاسة، وروت كيف تعرضت لكل أشكال العنف والانتهاك فأبكت الحضور من بشاعة ما روت.
وكان لافتًا استخدام المنتدى لفنون التلفزيون وإمكانياته التقنية في توسيع نطاق المشاركة في فاعلياته فقدم العديد من الأعمال التسجيلية التي نقلت تجارب شبابية هامة من أماكن مختلفة وكان من أبرزها الفيلم الوثائقي (عنوان المراسلات) الذي قدمه الشاب الدؤوب النابه ياسين الزغبي بالاشتراك مع الفنان احمد منيب سلام. وكما جاء في الفيلم فإن ٦٥ مليونًا وستمائة ألف شخص أجبروا على ترك بيوتهم، ومنهم ٢٢ مليونًا ونصف المليون شخص في مخيمات لاجئين و ١٠ ملايين بلا وطن. ومن بين هذه الملايين العديدة تم تسكين أقل من مائتي ألف شخص أصبح لهم عنوان أما الباقون فإنهم تشرذموا في الارض بلا عنوان. ويستعرض الفيلم جهود عدد من الموسيقيين الشباب كي يثبتوا ان الفن قادر على التصدي للارهاب وتحقيق التواصل بين الشعوب بغض النظر عن اختلاف السياسات أو احتدام الصراعات بين دولهم.