رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

أول معلومة عرفها الإنسان على الأرض هى التى أنقذت البشرية من الموت المحقق بالجراثيم والميكروبات والأمراض والأوبئة، وذلك عندما عرف قابيل من الغراب كيف يوارى سوأة أخيه هابيل، ويقول بعض الرواة إنه ظل سنة يحمله لا يعرف ماذا يفعل به، وآخرون يقولون مائة سنة.. المهم أنه بهذه المعلومة الأولى عرفت الإنسانية، الضرورة الصحية والبيئية لدفن الموتى!

ومن يومها تبين للإنسان قيمة المعلومات، وأهمية أن يعلم نفسه بنفسه بالاستزادة من المعلومات.. وإذا كان الغراب هو أول معلم للبشر على الأرض.. فإن الإنسان لم يخجل أن يتعلم كذلك من الحيوانات والطيور وحتى الأسماك والحشرات.. فلم يعرف الصيد إلا برؤيته الحيوان وهو يصطاد فريسته، ولم يفكر فى مسألة الطيران، ولم يصنع الطائرات فيما بعد إلا من خلال التعلم من الطيور.. وهكذا مع الأسماك والحشرات وغير ذلك!

وأعتقد، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حرص على حضور مؤتمر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء للإعلان عن نتائج التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت لعام 2017، وأيضًا اصطحابه كبار المسئولين بالدولة للمؤتمر، من البرلمان ومجلس الوزراء، إلى رؤساء وأعضاء المجالس والمراكز البحثية، وأساتذة الجامعات، وكبار الصحفيين والمفكرين، وممثلى الجمعيات الأهلية.. وذلك لإدراك أهمية المعلومات فى تطور الدول والذى لا يتم إلا على مستوى واحد.. هو الاستفادة القصوى، كما ذكر الرئيس بنفسه ذلك فى كلمته بالمؤتمر، من المعلومات التى وردت فى نتائج التعداد، سواء كانت سلبية أو إيجابية.. وأعتقد أن السلبيات فى النتائج فاقت الإيجابيات، ولذلك لابد من العمل بسرعة وفق هذه النتائج، وان تكون كل خططنا التنموية بناء على هذه المعلومات التى لا يتم تحديثها بشكل جذرى إلا كل عشر سنوات والمفترض أن تكون هذه الخطط بالتالى على مدى خمس أو عشر سنوات قادمة مع الحرص بالطبع على تحديث المعلومات من خلال الجامعات ومراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدنى.

وأتصور أن أكثر الناس فرحًا بهذا التعداد هى الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، وهى أصلا اكاديمية متخصصة فى مجالها، وتعرف قيمة المعلومة وتعلم أن الرقم هو الوصفة السحرية فى أى خطط للتنمية، وأن تقدم الدول لن يتحقق سوى بالعلم والمعرفة.. وتعلم ايضًا أن توفر الموارد الطبيعية مثل الغاز والبترول والذهب والماس لبعض الدول لم ولن يجعلها متقدمة أو متطورة، وإنها على أكثر تقدير ستكون دولة غنية. ونفس الشىء بالنسبة للدول التى تمتلك زيادة سكانية كبيرة أو مساحات من الأراضى الزراعية الخصبة.. فإنها ستظل دائما دولًا متخلفة طالما لم تمتلك العلم والمعرفة لإدارة مواردها بالطريقة الأمثل!

ومن حسن حظ، وزيرة التخطيط، وكذلك كل وزير، أن هذا التعداد هو أول تعداد إلكترونى كامل، وذلك منذ أن أجرى محمد على باشا «تعداد النفوس» فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وهو يتيح قاعدة بيانات دقيقة وشاملة لكافة مناحى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتى تساعد صناع القرار على رسم السياسات والخطط المستقبلية للدولة.

وإذا كانت أولى نتائج هذا التعداد الإلكترونى أنه وفر على الدولة 22 شهرًا من العمل الورقى، فإن الاستفادة الحقيقية منه، يمكن أن توفر ثروات وتضيف ثروات.. وإلى أن يتحقق هذا الأمل.. وإذا كان دور اللواء أبوبكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الذى قام بجهد كبير، يشكر عليه، ومعه كل موظفى الجهاز، وكذلك أكثر من 40 ألف شاب بذلوا جهودًا عظيمة في مشروع التعداد، فإن الدور الآن على كل مؤسسات الدولة للاستفادة القصوى من هذه المعلومات الإحصائية الدقيقة فى مشروعات التنمية، خاصة ونحن في عصر المعلومات.. وأن المشهد الدرامي الذى جرى بين الغراب وقابيل وهابيل، والذى أنقذ البشرية بتعليمها أول معلومة من الموت.. يمكن أن يتكرر، ولكن هذه المرة بإعادة الحياة إلى دولة وشعب!