رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما يكتب السيد عمرو موسى مذكراته السياسية  في ثلاثة أجزاء، فالأمر جدير بالاهتمام والمتابعة.. عمرو موسى أحد أهم قياصرة الدبلوماسية المصرية، ومهما اختلفنا مع بعض من آرائه فإن عمرو موسى بلا جدال أعطى الدبلوماسية المصرية زخماً كبيراً من شخصيته ومواقفه وقناعاته. واذا كان الدكتور محمود فوزي هو الأب الروحي للدبلوماسية المصرية منذ ثورة يوليو 1952 وحتى يومنا هذا فإن عمرو موسى أحد أبرز فرسانها وشعرائها وخطبائها.

من اللحظة الأولى وقبل أن يقرأ أحد حرفاً واحداً أثار الكشف عن المذكرات جدلاً واسعاً خاصة حول رؤية السيد عمرو موسى لبعض الشخصيات السياسية.. كيف تابعها ورآها عن قرب خاصة الرئيس والزعيم التاريخي جمال عبد الناصر.. وبداية أنا لا أخفي إعجابي بالرئيس جمال عبد الناصر وايماني بكثير من توجهاته وأفكاره السياسية ـ إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن أعتبر أي رأي يختلف مع قناعاتي بعبد الناصر كفرًا من صاحبه يستحق عليه الرجم.

جمال عبد الناصر من 28 سبتمبر 1970 وهو ملك للتاريخ ومن التعصب أن نغلق كل أبواب النقد والقراءة الجديدة للتاريخ فيما يتعلق بالزعيم الوطني جمال عبد الناصر.. أنا أحب عبد الناصر وأشرف بالحنين إلى عصره وتوجهاته ولكن هذا لم يجمدني داخل ثلاجة الولاءات.. إذا كنا نحلم بالديمقراطية والحرية والعدالة فمن الحكمة أن نخلص لمبدأ الرأي والرأي المختلف.. من الحكمة أن نتحمس لتعدد الآراء والرؤى حول الأشخاص والقضايا العامة لأن هذا المبدأ يعطينا فرصة أفضل للفهم والمواءمة بين الكثير من الأفكار.

الحياة ليست معادلة صفرية والألوان ليست أبيض وأسود فقط.. مشكلتنا أننا نعيش داخل صناديق مغلقة من وحي أفكارنا وقناعاتنا الخادعة - صناديق من صنعنا حولناها إلى سجون نقضي العمر داخل جدرانها العالية والقاسية ثم نبكي ونشكو قسوة السجان.. مشكلتنا مع التدين تكمن في القراءة الواحدة للنص المقدس، كما أن مشكلتنا مع السياسة أننا نصنع الفرعون ثم نعبده ثم نشكو قسوته ونتهمه بأن جنته لا تتسع لنا جميعا.. لنقرأ مذكرات السيد عمرو موسى ونحن متجردون من المواقف والأفكار المسبقة لأن شهادته على عصر كامل شهادة رجل شارك في صناعة مرحلة طويلة من تاريخنا الحديث .

عمرو موسى كتب مذكراته ليس من مدرجات المشجعين وانما من داخل المستطيل السياسي والتاريخي، وهنا تكمن أهمية ما كتب.. ولكي نكون أكثر موضوعيه حين نقرأ يجب أن نأخذ بالاعتبار أنه ليس مطلوبا ولا منطقيا أن يكون الدبلوماسي خلال سنوات خدمته زعيما وطنيا لأن الدبلوماسية حين نمارسها ونخبر دروبها تحتاج من السياسي لأعلى درجات المواءمة.

وبعد أن يترك السياسي مكتبه ومنصبه ويمارس السياسة من فوق هضبة تاريخه  فقد تختلف آراؤه المعلنة عن مواقفه حين كان وزيرا على قمة الدبلوماسية المصرية.. الاختلاف هنا يكون في الدرجة وليس في النوع ـ أي أن آراء السيد عمرو موسى التي حملتها مذكراته قد تكون أكثر حدة ووضوحًا عنها أثناء عمله وزيرا أو أمينا عاما للجامعة العربية.. ليس في ذلك من عيب أو نقيصة لأن ما يقال داخل المؤتمرات والغرف المغلقة بالتأكيد يختلف في الدرجة عنما يمكن أن تحمله مذكرات دبلوماسي مخضرم مثل السيد عمرو موسي. لنقرأ المذكرات بأعصاب هادئة وعقل مفتوح لأن هذه المذكرات ذاتها ستكون ضمن أدبيات تاريخنا السياسي بعد سنوات قليلة وستقرأها أجيال قادمة بعقلية أهدأ وأكثر اتزانًا مما نحن عليه الآن.

[email protected]