رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

شاهدت مؤخراً على قناة ناشيونال جيوغرافيك التليفزيونية حلقة من برنامج يدور حول تحقيقات حوادث الطائرات. يتناول البرنامج فى كل حلقة حادث طائرة، والتحقيقات التى يجريها المحققون للكشف عن أسباب سقوطها، من خلال تتبع مسار الرحلة منذ الإقلاع حتى حدوث الكارثة!

وأولوية المحققين لا تنصب على معرفة المتسبب فى وقوع الحادث من أجل إدانته؛ وإن كان مهماً بالطبع، ولكن الاهتمام الأكبر هو الكشف عن الأسباب التى أدت إلى سقوط الطائرة، ورفع توصيات بالنتائج التى توصلوا إليها للجهة التى تكون مسئولة عن الكارثة، سواء كانت الشركات المصنعة الطائرات أو شركات الطيران؛ بالنسبة للخطأ البشرى من الطيارين، أو الجهات المسئولة عن المطارات، لتطبيق هذه التوصيات فوراً لتجنب تكرار الحادث مرة أخرى.. وهذا أدى فى النهاية إلى زيادة عوامل الأمان فى السفر بالطائرات أكثر من السفر بالسيارات، وتقليل نسب حوادث الطائرات فى السماء عن حوادث السيارات على الأرض!

وفكرت، وتساءلت.. هل يمكن أن يكون هذا المنهج غائباً عن مئات العلماء فى عشرات مراكز البحوث العلمية المتخصصة والمنتشرة من مطروح إلى أسوان، للبحث فى أسباب كل مشاكلنا، بلا استثناء، بداية من انخفاض الدخل القومى، ومروراً بحوادث السيارات، وحتى القمامة المتراكمة فى شوارعنا..؟!.. وهل هناك صعوبة فى تطبيق النتائج التى يضعها العلماء لحلول مشاكلنا المزمنة؛ وجعلتنا نستدين المليارات وراء المليارات باليورو مرة، وبالريال مرة، وبالدولار مرات، من كل الدول والمؤسسات المالية؟!.. وهل لا يدرك أحد من المسئولين أن هذا المنهج البسيط هو طوق نجاتنا الوحيد من السقوط المستمر فى مستنقع الاستدانة، والدوران المتواصل فى دوامة تسديد الديون إلى ما لانهاية !!

لا أعرف، حقيقة، ماهى مشكلتنا فى عدم استخدام هذا المنهج الذى يبدو بسيطاً، وهو كذلك بالفعل؛ رغم توافر العلماء ومراكز البحوث.. هل فى تطبيق النتائج التى تحتاج تمويلاً وعملاً مخلصاً ودؤوباً أم فى الإيمان بالعلم والعلماء؟!.. الغريب أننا ننجح فى حل بعض مشكلاتنا، ولكن يبدو بالصدفة.. مثل طريق مصر الإسكندرية الصحراوى الذى تم تطويره وتحسينه منذ أكثر من عام، بتطبيق المعايير والمواصفات الهندسية، كما هو معمول بها فى الطرق السريعة فى كل دول العالم المتقدم.. ولا شك أن معدلات حوادث السيارات على الطريق أصبحت أقل بكثير مما كانت عليه قبل التطوير والتحسين.. ومن المفترض أن تقوم وزارة النقل أو هيئة الطرق، أو إدارة المرور المشرفة على هذا الطريق بعمل دراسة مقارنة بين نسب حوادث السيارات قبل التطوير وبعده.. وأجزم أن النتائج ستؤكد أن الحوادث أقل بكثير مما كانت عليه.. بل ستكشف الأسباب الأخرى التى وراء هذه النسبة من الحوادث التى تقع الآن!

وإذا طبقنا هذا المنهج على كل مشكلاتنا أيضاً، كما تطبقه مكاتب تحقيقات حوادث الطيران، فإننا سنقلل حوادث السيارات إلى أكثر من النصف، وسنجد الحلول المناسبة لمشكلتنا فى سنوات قليلة.. ونعرف الطريق نحو زيادة الدخل القومى، ورفع إنتاجية الحاصلات الزراعية والمنتجات الصناعية، وكيفية استغلال عدد السكان.. وغيرها من مشكلات.. فمتى نستخدم هذا المنهج العلمى، ونشغّل عقولنا لمرة واحدة للتخلص من بعض مشاكلنا أو تقليلها مثل حوادث الطائرات؟!