رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرسائل المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة «الواتساب» تستحق التوقف أمامها بالتأمل ليس لقيمتها ولكن لما تدل عليه من الحالة الذهنية والنفسية والثقافية الخطيرة فى تدنيها وهبوطها وسطحيتها والتى أصبح عليها الكثير من المصريين.. ما قصدته شريحة متضخمة من هذه الرسائل وهى الرسائل الدينية التى تأتى كنص مكتوب أو فيديو.. بالنسبة للرسائل المكتوبة أكثر من 90% منها هرطقات وإلغاء كامل للعقل، ومن الواضح أن هناك كياناً حقيقياً فى مكان ما ينتج هذه النوعية من الرسائل بكم هائل ويقوم بنشرها.. الرسالة الواحدة تصل أحياناً من خمسة وعشرة مصادر فى اليوم وهذا يعنى أن الانتشار منظم ومقصود.

طبعاً هذه الرسائل من قبيل جمعة مباركة -أرسل لعشرة أصدقاء تنال ألفاً من الحسنات- وحكايات منقولة زوراً وبهتاناً عن الرسول والصحابة منافية للعقل تماماً.. وهناك نوعية أخرى من الرسائل واسعة الانتشار تتعلق بفتاوى شاذة لا مصدر علمى موثوق لها على الإطلاق.. من يتأمل ويحلل محتوى الرسائل التى يتم تعميمها على مواقع التواصل الاجتماعى لا بد أن يتساءل عمن له مصلحة من نشر هذا الكم المليونى من الرسائل المجافية للعقل والعصر.. من له مصلحة فى إشغال الناس بتوافه الأمور.. من له مصلحة أن يغرق ملايين الناس فى مستنقع من الأفكار الهابطة والمتخلفة.. من له مصلحة أن ينشغل الملايين عن همومهم الحقيقية بالجدل حول مسائل سطحية وسخيفة.. من له مصلحة فى عصر العلم والحوسبة والرقمنة أن يتوه الملايين فى ظلام عصور انقرضت وطواها الزمان.

أنا أتصور أن البحث عن المصنع الضخم الذى ينتج هذه السموم مسألة أمن قومى حقيقية لأن التعرض اليومى وعلى مدار اليوم لهذه الرسائل والأفكار ليس أقل خطورة من الأمراض المدمرة كالسرطان وفيروس سى.. أنا لا أعرف أين وزارات، مثل الثقافة والتعليم وحتى التضامن الاجتماعى من هذا الأمر؟ وهل يعقل أن نحارب الإرهابيين بالرصاص ونترك إرهاباً من نوع آخر يقتل العقول ويجفف القلوب.. أما الفيديوهات المتداولة فحدث ولا حرج خاصة تلك التى تروج لفكرة المعجزات والأعمال الخارقة وكثير ممن يظهرون فى هذه الفقرات المصورة شخصيات مجهولة معممة الرأس والعقل مشكلتنا أننا أدمنا النوم حتى يهزنا زلزال فنفيق مفزوعين كل رجائنا من الله أن ينجينا من الهلاك.. أنا لست مع سياسات الحجب والغلق لأى نافذة رأى أو تواصل ولكن لأى دولة دور ومسئولية تجاه مواطنيها، وحماية عقول الناس من التلف تسبق فى الأهمية حماية حدود الدولة وسيادتها لسبب بسيط أن من سيقوم بالدفاع عن التراب الوطنى هم الناس وخاصة الشباب.. ولكى تكون الأجيال الجديدة على درجة من الوعى بعصرها وبعلوم ومنطق وثقافة هذا العصر- لا يمكن أن يتحقق ذلك والمجتمع كله متروك فى عراء الثقافة عرضة لعواصف التخلف والجهل.. العواصف ليست عشوائية ولا مجهولة المصدر وأعتقد أن وراءها ربما مراكز بحثية متخصصة فى دراسة الشخصية المصرية وكيفية تغييب مراكز الوعى والتنوير بها - المهم أن نعرف من وأين.. أتمنى ألا نستهين بخطورة الفقر الثقافى الذى يهدد فعلياً مصر كبلد ومجتمع وتاريخ ودولة، وندرك أنه يفوق فى آثاره أحياناً الفقر بالمعنى المادى مهما بلغت درجاته.. جوع المعدة يؤلم جسد فرد وجوع الفكر يهدد كيان أمة بأسرها.. الأنبياء أرسلهم الله لتغيير الأفكار البالية والقديمة وجزء من إنسانيتنا أن نؤمن بذلك ونعمل من أجله فى كل وقت.