رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

فى هذا اليوم المشهود، الذى يتوجه فيه حجاج بيت الله الحرام إلى عرفات الله ليؤدوا مناسكهم التى تبدأ بالوقوف فى عرفه داعين الله العلى القدير أن يتقبل صلواتهم وابتهالاتهم وأن يغفر لهم ذنوبهم، ما تقدم منها وما تأخر، وأن يتم نعمته عليهم بأن يدخلهم فى زمرة العتقاء من النار فى هذا اليوم المبارك، وننتهزهذه المناسبة الكريمة للهرب من إسار أحوالنا التى تجاوزت الغرائب وباتت تلامس اللامعقول.

 فمن حادث يقوم فيه رجل أعمال بالاعتداء على لواء سابق وأسرته، مستعيناً بعدد من البلطجية، إلى رجل الأعمال الملياردير الذى يقع ضحية لنصاب يدعى قدرات خارقة باستخدام الجن والعفاريت فى تحقيق الثروات، إلى السيدة التى كانت توصف بالحديدية وتعمل نائباً لمحافظ الإسكندرية، العاصمة الثانية للبلاد، ونفاجأ بإلقاء رجال الرقابة الإدارية القبض عليها بتهمة تقاضى مليون جنيه رشوة من عدد من رجال الأعمال. ذلك عدا الحوادث التى باتت وكأنها قدر مقدر علينا من حوادث المرور التى تلعب فيها عربات النقل دور البطولة، وتتراوح ضحاياها بين عربات الأوتوبيس والسيارات الخاصة التى تصل فداحة عواقبها إلى فناء أسر بأكملها كما حدث مؤخراً فى إحدى حوادث الصعيد، وطبعاً لا ننسى حوادث القطارات التى تحصد أرواح أعداد بالعشرات عدا المئات من المصابين.

ونترك أحوالنا هذه ونلوذ مع الحجيج وفِى صحبتهم بالمشهد الجليل فى أشرف بقاع الأرض وأطهرها فى عرفات الله، حيث ما زالت جنبات جبل الرحمة تردد أصداء خطبة الوداع التى ألقاها الرسول الكريم وخاطب فيها الحضور بقوله: «يا أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا. وفِى هذه الخطبة أوصى الرسول الكريم بحسن معاملة النساء»، بقوله: «فاتقوا الله فى النساء واستوصوا بهن خيراً» وجاء فى الخطاب الكريم أيضاً: «أيها الناس إن ربكم واحد وإن آباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى» وأخيراً تضمنت خطبة الوداع الكلمة الفصل «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً».

ومن تمام إسلام المرء أن يعمل بما أوصى به رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، فهو القائل: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً، كتاب الله وسنة رسوله»، فأين نحن من هذه الوصية. إن معظم أحوالنا المتردية نشأت من الابتعاد عن السلوك القويم والنأى عن تقوى الله. فَلَو أن تقوى الله كانت عامرة فى القلوب، فلن يجد المرتشى مكاناً له فى المجتمع، لأنه لن يجد الراشى الذى يريد الحصول على شىء ليس من حقه، لأنه يتق الله، ونفس الشىء ينطبق على السائق الذى يتعاطى المخدرات أثناء قيادة السيارة، معرضاً بذلك حياته وحياة الآخرين للخطر، ولن نجد المسئول الذى يسرف فى إنفاق المال العام بهدف تحقيق منفعة ذاتية غير مكترث للإضرار التى تلحق بالمجتمع نتيجة أعماله.

ويمثل هذا اليوم المبارك فرصة سانحة للتأمل فى كل المعانى الجليلة التى يتضمنها عيد الأضحى المبارك من تضحية وفداء، طاعة لله وامتثالاً لأوامره، وهو ما يجسده أيضًا توافد الحجيج من شتى بقاع الأرض إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضة الحج، مهللين ومكبرين وغير مكترثين بمشقة الطريق ولا بوطأة الطقس الشديد الحرارة، فهم يسعون إلى شىء أسمى إلا وهو مرضاة الله عز وجل وحب رسوله الكريم صلوات الله عليه وسلامه. إلا هنيئاً لهم تحقيق ما يصبون اليه، ودعاؤنا لهم بأن يهون الله عليهم مشقة الطريق، وأن يعيدهم إلى أهلهم سالمين غانمين. وننتهز فرصة الإطلال معهم على الأراضى المقدسة كى ندعو الله أن يرزقنا جميعاً حج بيته وأن يغفر لنا ذنوبنا وأن يصلح حال بلدنا وكل عام وأنتم بخير.