رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

جاء فى تصريح رائع لنيافة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا الرجل الوطنى النبيل إثر إقامة صلاة الأقباط لصلواتهم فى شوارع القرية بعد إغلاق الكنيسة بفرمان حكومى «لقد رد إخوتنا المسلمون بقوة على ادعاء البعض بأنهم معترضون وغاضبون من صلاة الأقباط، وستظل صور أقباط قرية الفرن دليل إدانة للمتعنتين ودليل إصرارهم على الصلاة فى أسوأ الظروف، إن السواد الأعظم من الأقباط والمسلمين يحيون فى ود وسلام، فلا تعكروا هذا الصفو، سواء بالادعاء أو الافتعال...».

ومع ذلك تتعالى من آن إلى آخر أصوات من يدعون أن «المصالحة مع الإخوان وجماعات الشر هى الحل» بدعوى حقن الدماء والبعض منهم يحدثنا عن حقوق الإنسان، ويتشدق آخرون «هل بإعدام سيد قطب أنهى ناصر على فتنة أهل الشر؟».

والحقيقة، أن ناصر ومجلس قيادة الثورة واتخاذهم قرار حل الجماعة بالإجماع وإجراء محاكمات عاجلة مهد لفترة عاشتها مصر فى ظل الحكم الناصرى هى الأهدأ فى عدد الحوادث الطائفية الدموية، والأقل فى سريان دعم الفكر الإخوانى بشكل عام و«القطبى» بشكل خاص، وهو ما ساهم فى انتعاش نهضة ثقافية رائعة (رغم ما قيل إنها كانت موجهة لخدمة النظام).. فقد شهدنا إبداعات سينمائية ومسرحية وموسيقية وتشكيلية هى الأروع والأكثر خلودًا وقيمة فى تاريخ الفنون المصرية، وأترك قارئ جريدتنا الغراء مع فقرات من مقال نشره سيد قطب على صفحة غلاف مجلة الرسالة بتاريخ 22 سبتمبر عام 1952 لندرك كيف كان ذلك الظلامى البشع يرى فنوننا وخطته هو وجماعات التخلف لمقاومة كل إبداع وكل عمل حضارى على أرض المحروسة..

كتب سيد قطب تحت عنوان «أخرسوا هذه الأصوات الدنسة».. «محطة الإذاعة المصرية لم تشعر بأن هناك ثورة فى هذا البلد، وقد ظل إدراكها لمعنى الثورة محصورًا فى إضافة بعض إذاعات جديدة إلى البرنامج العادى، قائمة على جهد فردى بحت، لا على أساس انقلاب أساسى فى عقلية الإذاعة!

ويعلل «قطب» ذلك من وجهة نظره، قائلاً «هذا طبيعى، فإن العقلية المشرفة اليوم على المحطة هى ذاتها العقلية التى كانت تشرف عليها منذ نشأتها التى ينفثها فى أرواحهم مخلوقات شائهة كمحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبد العزيز محمود وليلى مراد ورجاء عبده وفايدة كامل وشهرزاد وأمثالهم!.. »

ويضيف سيد قطب «إن هذا الطابور المترهل الذى يفتت صلابة هذا الشعب ويدنس رجولته وأنوثته، هو المسئول عن نصف ما أصاب حياتنا الشعورية والقومية من تفكك وانحلال فى الفترة الماضية. إن فساد فاروق وحاشيته، ورجال الأحزاب ومن إليهم لم يدخل إلى كل بيت، ولم يتسلل إلى كل نفس، أما أغانى هذا الطابور وأفلامه فقد دخلت إلى البيوت، وأفسدت الضمائر، وحولت هذا الشعب إلى شعب مترهل لا يقوى على دفع الظلم أو الطغيان، وعبد الوهاب ينفث فى روعه أن الدنيا سيجارة وكاس. إن هذه الأصوات بذاتها تكون جريمة وطنية وجريمة إنسانية بغض النظر عما تقول فقد تحول إلى ميوعة..». انتهى الاقتباس من التصور البشع لأحد رموز التراجع القيمى والإنسانى بعد ثورة كان الناس يأملون بقيامها إحداث نقلة حضارية..

وعليه، كان رد عبدالناصر حازمًا أيضًا «أخرسوا هذه الأصوات المتخلفة» ولولا حلول الزمن الساداتى ورؤيته البغيضة القاصرة لوجود جماعات الشر، ما تم إحياء أصوات خفافيش ظلام التراجع الفكرى والحضارى من جديد فى سماء المحروسة.

[email protected] com