رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

كلما وقع حادث كبير أودى بحياة عدد كبير من المواطنين الأبرياء، تنتفض الأمة لموتهم وتسرى دماء ساخنة فى شرايين الإعلام بكل أشكاله ووسائله، حتى يظن المراقب لما يجرى، أن هذه الأمة قد صحت من غفوتها بعد طول رقاد، وأنها سوف تعالج ما أصابها من عطب، وأن هذا الحادث وأمثاله قد أصبحت من مخلفات الماضى، وأنه لا يمكن أن يتكرر مرة أخرى.

ورويداً رويداً ينقشع غبار الحادث، ويهدأ الضجيج، وتعاود الحياة سيرتها الأولى، ويركن الجميع إلى الغفلة عما يرتكبون من أخطاء حتى تنزل بهم كارثة أخرى، فيعودون إلى الانتفاض الذى ينتهى إلى اللاشىء المعتاد، ويستمرون فى مواصلة العيش بعشوائية.

ونظراً إلى أننا نعيش هذه الأيام الانتفاضة التى أعقبت حادث قطار خورشيد بمدينة الإسكندرية الذى أودى بحياة ما يزيد على أربعين مواطناً، فإننا نسمع ضجيج الاتهامات المتبادلة بين الجميع، صحافة وإعلاماً يوجهون سهام الاتهام إلى مسئولين حكوميين، الذين يلقون باللوم على تدنى أسعار الخدمات التى توفرها الدولة للمواطنين ويطالبون البرلمان بإصدار التشريعات التى تكفل لهم الحصول على المقابل الواقعى للخدمات، وعلى الجانب الآخر شنَّ أعضاء البرلمان هجوماً كاسحاً على وزير النقل الذى بادر بإقالة رئيس هيئة السكك الحديدية، محملاً إياه المسئولية. وفِى رده على نواب البرلمان قال وزير النقل، إن السكة الحديد يجب أن تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وأن لدى الوزارة تصوراً كاملاً لتطوير السكة الحديد بتكلفة ٤٥ مليار جنيه.

سيناريو معاد ومكرر ولا يبشر بأى بارقة أمل فى كسر هذه الدائرة الجهنمية من الأعمال العشوائية وردود الأفعال المطابقة لها. تبادل الاتهامات بين كافة الأطراف فى مشهد عبثى يجرى فيه إلقاء اللوم على قصر ذات اليد التى لا يشبع نهمها إلا المليارات.  وفِى النهاية، فإن الضحية المعتادة لهذه الأعمال هى المواطن الغلبان الذى يقطن فى مسكن عشوائى، حتى لو كان يقطن فى برج منيف ففى الأغلب الأعم نجد أنه برج مخالف لترخيص البناء سواء ببناء أدوار غير مرخص بها، أو الغش فى مواد البناء المستخدمة. ويخرج إلى شارع عشوائى تكثر فيه الحفر والمطبات، وينتهى به الأمر إلى ركوب وسيلة انتقال عشوائية حتى لو كانت سيارة خاصة، فلا أحد يلتزم بأى قواعد أو قوانين سير، وتتعرض حياته للخطر فى كل خطوة يخطوها، سواء فى ذهابه إلى العمل أو فى طريق عودته منه.

وفِى حادثة القطار الأخيرة، رصدت الصحافة العديد من المشاكل وأوجه القصور الخطيرة التى تعانى منها السكك الحديدية فى مصر، وفِى مقدمتها المزلقانات العشوائية التى تعمل يدوياً، وتعطل الإشارات وسرقة الحديد ومسامير القضبان والإشارات. وبطبيعة الحال، فإن كل هذه المشاكل وأكثر منها موجودة ومعروفة من قبل هذه الحادثة الأخيرة، ولكن يبدو أن كثرة المشاكل واستمرار سرقة حديد السكك الحديدية وعددها وأدوات تشغيلها قد تجاوزت الحد حتى باتت أمراً مسلماً به لدى مسئولى الهيئة، وهذا مكمن الخطورة، وينبغى على الدولة أن تتحرك بكل حسم لإصلاح هذا الوضع.

أما إصلاح السكك الحديدية ككل، فإنه يتطلب الأخذ بالأسلوب العلمى؛ حيث إنه أمر بالغ الأهمية، ويمكن أن يكون نموذجاً يحتذى به فى حل العديد من مشاكلنا العشوائية. وفِى سبيل تحقيق ذلك لا بأس من الاستفادة بعلم وخبرة أحد العلماء الدوليين ممن لهم إنجاز ملموس فى هذا المجال. ولا تقل لى إنه سيكلف كثيراً، فالسكك الحديدية أهم من كرة القدم التى نجلب لها مدربين وحكاماً أجانب. لقد كان المصريون يفخرون دائماً بالسكك الحديدية المصرية، ويتباهون بأنها ثانى سكك حديد فى العالم بعد بريطانيا. ونريد أن نتباهى بها من جديد.