رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 فى الأسبوع الماضى عرضنا لتطور وسائل تداول المعلومات من الناحية الشفاهية وتركنا الحديث عن تداول المعلومات المكتوبة إلى مقال اليوم. وفِى الواقع فان البشرية ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه من تقدم لولا اختراع الكتابة. فلولا قدرة الإنسان على تسجيل واختزان ما لديه من معلومات، لما تمكن من تحقيق التراكم المعرفى الذى بلغه اليوم. لقد تميز الإنسان عن باقى المخلوقات بما يتمتع به من ذاكرة حفظتها له المخطوطات والوثائق والكتب والمدونات التى حوت كل ما جمعه عبر تاريخه من معلومات. وقد انضمت إلى هذه الأوعية لحفظ التراث الأدوات الحديثة من أشرطة سينما وفيديو وشرائح الكترونية وغيرها من وسائل تسجيل وحفظ النصوص والصور. وفِى مسيرة البشرية نحو التقدم نتوقف أيضاً عند اختراع المصرى القديم لورق البردى الذى سجل عليه أول وثائق عرفتها الحضارات الإنسانية، ونتوقف كذلك عند اختراع الصينيين للورق فى مطلع القرن الميلادى الأول. 

أما وقفتنا الكبيرة التالية فهى فى حوالى منتصف القرن الخامس عشر مع اختراع جوتنبرج الألمانى لآلة الطباعة بالحروف المتحركة. لقد أتاحت هذه الآلة شيوع العلم بين أكبر عدد من الجماهير، وأدت إلى ديمقراطية التعلم بعد أن كان حكرا على أعداد محدودة من رجال الحكم وكهنة الدين. ولنا أن نتخيل مدى معاناة مؤلفى الكتب الذين كان يتعين عليهم الكتابة بأيديهم لسنوات حتى اكتمال المخطوط، وفِى النهاية لا تتوفر سوى نسخة واحدة من هذا الكتاب.

ومن ثمار هذه الآلة أيضا ظهور الصحف التى ساهمت بقدر وافر فى نشر المعلومات على نطاق جماهيرى واسع، كما أنها وفرت سجلا يوميا للأحداث يمكن للباحثين الرجوع إليه عند الحاجة.

وقد تواكب انتشار الصحف بصورة عصرية مع ظهور الراديو والسينما فى مطلع القرن العشرين، كما انضم جهاز التلفزيون إلى هذه المنظومة فى أربعينيات القرن الماضى لكى تشكل سويا مع الكتاب الأدوات الرئيسيّة لنشر المعلومات وتشكيل الرأى العام. ومع ظهور جهاز الكمبيوتر واستخدامه فى كل مناحى المعرفة، أصبحت قدرة الإنسان لامحدودة على تخزين واسترجاع المعلومات بمجرد الضغط على أزرار. وقد أدى استخدام الأقمار الصناعية فى البث التلفزيونى منذ سبعينيات القرن الماضى إلى ظهور مفهوم القرية الكونية كما طرحه العالم الكندى مارشال مكلوهان. لقد أصبح عالم اليوم منفتحا معلوماتيا على بعضه البعض. وأصبح بمقدور الجميع متابعة ما يجرى فى أبعد نقطة من المعمورة بمجرد متابعة شاشات التلفزيون. إلا أن هذا الانفتاح العالمى الكبير لا يعنى تساوى حظوظ الجميع فى الاستمتاع بهذا التقدم التقنى على قدم المساواة. فالفارق شاسع بين قدرات العالم المتقدم وقدرات العالم النامى. ففى الوقت الذى التزمت فيه دول العالم الثالث بمبدأ السماوات المفتوحة فى عصر الأقمار الصناعية، قامت الدول الغربية المتقدمة ببث برامجها إلى كل أرجاء العالم ولكنها قامت فى نفس الوقت بضرب سياج حماية حول أراضيها باستحداث نظم التوزيع التلفزيونى عن طريق شبكات الكوابل الأرضيّة. فإذا أرادت أَى قناة تلفزيونية النفاذ عبر إحدى الشبكات الأرضيّة، يتم إجراء فحص دقيق لها يشمل تاريخها وهويتها ونوعية المواد التى تقدمها وخريطتها البرامجية طوال سنوات، فإذا لم تجتز هذا الفحص الدقيق، فإنه يتم الاعتذار لها بحجة عدم وجود فراغ فى ترددات الشبكة. وهذا ما يتم غالبا فى معظم الحالات. وفِى الوقت ذاته فإن وكالات الأنباء الغربية من وكالة رويترز البريطانية إلى وكالة أسوشيتد برس الأمريكية إلى الوكالة الفرنسية، ما زالت تسيطر بشكل تام على حركة الأخبار العالمية سواء كانت على شكل النصوص المكتوبة او كانت اخبارا مصورة. وبالطبع فإن من يملك صياغة الخبر، وتقديمه من زاوية رؤيته، لقادر على صبغه على النحو الذى يريد.