رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

اتصرف بسرعة يا أستاذ أخوك بيموت.. وكل ثانية تعدى خطر على حياته.. لازم تشوف له أى سرير فى عناية مركزة!!

كانت هذه الكلمات التى وجهها لى طبيب مستشفى المنيل التخصصى.. والذى يعالج فيه أخى عادل.. من فشل كبدى شديد.. أدى لغيبوبة كبدية أشد.. كانت كلمات الطبيب بمثابة جمرة نار ألقى بها فى حجرى.. وأخذت كالمجنون أطلب دليل التليفونات.. لأطلب كل مستشفيات القاهرة.. وفى كل مرة أطلب التحدث إلى المدير.. وأعرفه بنفسى لأطلب منه فى رجاء.. هو أقرب للتوسل سرير عناية مركزة لأخى.. وفى كل مرة أسمع اعتذارا رقيقا.. وقسم بأغلظ الأيمان بأنه لا يوجد لديهم أى سرير خالٍ بالعناية المركزة.

كل ذلك والطبيب يمر علىّ كل خمس دقائق.. ليقول لى اتصرف بسرعة يا أستاذ.. أخوك بيموت.. وكل ثانية خطر على حياته.

فتزداد النار اشتعالاً فى قلبى.. أخى الحبيب روحه معلقة بين السماء والأرض..وتنتظر منى الإنقاذ.

تقريباً لم أترك مستشفى.. فى القاهرة أو الجيزة.. استثماريا أو عاما.. دون أن اتصل بها.. وأتوسل إليهم إنقاذ حياة أخى.. دون فائدة.. مع كلمات المشاطرة من قبل مديرى هذه المستشفيات.. ربنا يكون فى عونكم يا أستاذ.. دى حال بلدنا للأسف.. فالبحث عن سرير عناية مركزة.. أصعب من البحث عن إبرة فى كوم قش.

ساعة كاملة مرت علىّ.. كانت هى الأصعب فى حياتى كلها.. وأكاد أجزم أنها هى التى أدخلتنى مجبراً نادى السكر والضغط.

إلى أن شاءت إرادة الله.. أن يتوفى مريض فى المنيل التخصصى.. أى نفس المستشفى الذى يعالج به.. فخلى سريره فى العناية المركزة.. حيث تم إدخال أخى إليه.. وظل بالعناية المركزة عدة أيام حتى لقى وجه ربه.

هذه الواقعة مر عليها.. أكثر من خمسة أعوام.. ولكنها كانت كفيلة بأن تكون لدى عقدة فى حياتى.. اسمها العناية المركزة.

آلاف المرضى يموتون سنوياً.. بسبب العجز عن إيجاد سرير عناية مركزة فى مستشفياتنا سواء الاستثمارية أو العامة.

أما فى الاستثمارية.. فالمشكلة فيها مزدوجة.. يعنى ميتة وخراب ديار زى ما بيقولوا.. فحتى إن وجد فيها سريرا.. فثمنه يقسم الوسط.. فعلى الأقل تكلفة السرير.. لا تقل فى اليوم الواحد حالياً عن خمسة آلاف جنيه.. غير الأدوية والمستلزمات الطبية.. التى يطلب من المريض شراءها من خارج المستشفى.

فإذا ما توفى المريض.. تم احتجاز الجثمان فى المستشفى.. وﻻ يتم إخراجه إلا فى حالة الدفع النقدى.. أو قيام أهل المتوفى بتحرير شيكات.. أو إيصالات أمانة باسم المستشفى.. حتى يتم إكرام الميت بسرعة دفنه.

مهانة وذل للمريض وأهله.. لا تجدها فى أى مكان فى العالم إلا فى مصر..حتى أنك تقول إن المريض إذا أكرمه ربه أخذه بجواره من غير بهدلة ومهانة مستشفيات مصر.

مطلوب حل عاجل لهذه الأزمة.. بالتوسع فى إقامة غرف عناية مركزة.. وتوفير أسرّة فيها تكفى حاجة المرضى.. لأن الإنفاق على الصحة فى البلاد المتقدمة..هو أساس نهضة الأمم.. فالعقل السليم.. فى الجسم السليم.

أما الجسد المريض المنهك.. سيهرب منه العقل.. كما هربت منه نعمة الصحة.