رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

لما كان الفن مرآة صادقة للحياة، كان طبيعياً أن يتناول العديد من الأعمال الفنية ما تتعرض له حياة البشر من انتهاكات تستهدف كشف أسرارهم والتعريض بحياتهم الخاصة دون أَى مراعاة لحقهم فى التمتع بالخصوصية بعيداً عن أعين المتربصين. وفيما سبق كان انتهاك الخصوصية يجرى باستراق السمع والتلصص خلسة على الآخرين. إلا أنه مع التقدم التكنولوجى تضاعفت قدرات القائمين بانتهاك الخصوصية بحيث تجاوزت  إمكانيات الحواس البشرية المجردة بعد أن تزودوا بالأجهزة التكنولوجية الحديثة من عدسات رقمية وأجهزة تسجيل متناهية الصغر وبالغة الدقة، الأمر الذى تمكنوا معه من التسلل إلى أكثر الأماكن حصانة وأماناً. وقد تابعنا فى السنوات الأخيرة الكيفية التى تم بها الكشف عن المكاتبات الرسمية للعديد من الدول على يد أسانج وسنودن فى تسريبات ويكيليكس. كما تابعنا على شاشاتنا المصرية كيف انتهكت خصوصيات البعض بإذاعة تسجيلات لمكالمات تليفونية يفترض أنها كانت تتم بعيداً عن أسماع الدخلاء. ويحترم القانون حق الإنسان فى الخصوصية، كما تكفل له كافة المبادئ الأخلاقية التمتع بهذا الحق. ويحظر القانون قيام أى شخص بالتسجيل الصوتى لأى شخص آخر، دون الحصول على إذن مسبق منه أو من النيابة العامة.

وقد جرى تناول هذه القضية فى اثنين من الأعمال الفنية من زوايا مختلفة. فقد تناول مسلسل «هذا المساء» هذه القضية من زاوية الاختراقات التى تجرى على أجهزة الكمبيوتر الشخصية وأجهزة الموبايل والتى يبرع فيها البعض من خلال إدخال فيروسات مع المعلومات التى تتلقاها هذه الأجهزة، فتتحول هذه الأجهزة إلى شبكات تجسس تنقل إلى الطرف الآخر بالصوت والصورة كل ما يدور فى حياة الشخص المستهدف لحظة بلحظة. وقد ألقى المسلسل الضوء على هذه النوعية من الاختراقات التى يقوم بها بعض الشباب بهدف الحصول على معلومات شديدة الخصوصية لاستغلالها فى ابتزاز من يوقعه حظه العاثر فى طريقهم. ولا شك أن كل من شاهد هذا المسلسل أدرك جانباً كبيراً من أبعاد هذه القضية، وأصبح أكثر حذراً فى التعامل مع أجهزة الكمبيوتر والموبايل التى يمكن أن تجلب له مشاكل كبيرة، هو ولا شك فى غنى عنها. وقد طرح المسلسل هذه القضية فى إطار فنى جذاب اكتملت فيه كل العناصر الأساسية من حبكة درامية وإيقاع عصرى يتناسب مع حداثة الموضوع وتنوع فى تصوير المناظر التى جرى فيها التنقل بين القاهرة ولندن وبين الحارة المصرية وأرقى الأحياء السكنية فى المدينتين.  

  أما العمل الآخر فهو فيلم الأصليين للمخرج مروان حامد ومن تأليف أحمد مراد وبطولة النجمين ماجد الكدوانى  وخالد الصاوى. وقد تناول هذا الفيلم مشكلة فقدان الخصوصية من منظور شامل، حيث يخضع الجميع للمراقبة الكاملة طوال الوقت. وتجرى أحداث الفيلم من خلال مجموعة من الناس تطلق على نفسها اسم الأصليين وهم يَرَوْن أنهم يملكون وصاية على المجتمع ويملًكون الحق فى مراقبة الآخرين. وتبدأ أحداث الفيلم بالتعرف على سمير(ماجد كدوانى) وهو موظف ناجح فى أحد البنوك ورب أسرة ميسورة الحال. إلا أنه يفقد وظيفته فجأة ودون مقدمات، وفِى الوقت الذى يشرع فيه سمير لمجابهة هذا الوضع المدمر، يظهر فى حياته رشدى (خالد الصاوى) ممثلاً للأصليين. وهنا نتعرف على فكر هذه المجموعة التى تعرض على سمير الانضمام إليها وتكلفه بمهمة واحدة تنحصر فى مراقبة ثريا (منة شلبى) الباحثة الشابة صاحبة الفكر الحر. ومع موافقته على الانضمام إلى الأصليين تكتمل منظومة المراقبة التى تشمل الجميع وتستهدف تدجين الكل وقولبته فى قالب واحد. وهنا يدرك المشاهد أنه شخصياً واحد من هؤلاء المدجنين المحاصرين بآلاف العيون التى ترصد حركته من اللحظة التى يصحو فيها من نومه إلى أن يعود ليلاً إلى فراشه.