رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استوقفني خبر في الأسبوع الماضي ووسط زحمة الأزمة بين قطر والبلدان العربية بأن السلطات التونسية صادرت أموال وممتلكات 7 من رجال الاعمال الكبار فيها ووضعت عددا آخر تحت الإقامة الجبرية، وهذا الإجراء جاء ضمن  الحرب التي اعلنتها الحكومة التونسية ضد الفساد الذي تصاعدت وتيرته بعد ثورة الياسمين.

والحرب علي الفساد في تونس مدعومة من الحكومة ومن اللجنة الوطنية المستقلة لمكافحة الفساد ومن مجتمع مدني قوي وشريك حقيقي في هذه الحرب، خاصة منظمات حقوق الإنسان والجمعيات المهنية التي توازي عندنا النقابات المهنية وكلما تهدأ وتيرة الحرب يقوم المجتمع المدني بدفعها مرة اخري الي دائرة الضوء.

والحرب علي الفساد في تونس تحولت من أقوال وتصريحات للمسئولين إلي أفعال تطبق علي الأرض ولا تستثني أحدا مهما كان منصبه ويتم فتح جميع الملفات، خاصة ان علي رأس اللجنة الوطنية  شخصية حقوقية معروفة وذات خبرة في مجال الدفاع عن الحريات، بجانب وعي رئيس الحكومة التونسية بأن النمو الحقيقي لن يتحقق إلا بالقضاء علي الفساد ورموزه، فهو يؤمن بأن «الحرب ضد الفساد ليست حملة بل سياسة دولة».

وهذه الحرب هي حرب كاشفة، كشفت بوضوح من معها ومن ضدها، وكالعادة وكما هو متوقع كان حزب النهضة الإخواني بقيادة راشد الغنوشي أول من وقف ضدها،  بل دافع  باستماتة عن احد المتهمين بالفساد، وبرر النشطاء ان سبب القبض علي شخص آخر وهو رئيس نادٍ رياضي في تونس بأن الجمهور الخاص بالفريق رفع راية تضامن مع قطر في احدي المباريات وهي حجج الإخوان الدائمة لتبرير فسادهم.

والحرب علي الفساد في تونس اقتضت فتح ملف مهم عجزنا نحن في مصر عن فتحه وهو التمويل الخارجي للأحزاب السياسية بعد ثورة الياسمين، فالمعلومات والأرقام تؤكد ان مبالغ مالية كبيرة دفعت لتشكيل احزاب من دول عربية وأوروبية هناك وعلي رأسها حزب النهضة الإخوانى الذي اصبح اعضاؤه وليس قياداته ينعمون بالرفاهية والثراء وإن أراد اي شاب تونسي ان يعمل او يحصل علي فرصة للعمل فعليه ان ينضم الي هذا الحزب فورا وتمويل الاحزاب في تونس يتحمل مسئوليته من كانوا يديرون المرحلة الانتقالية في تونس، لأنهم استفادوا من هذه الأموال وشكلوا احزابا خاصة بهم  وما زالوا ينعمون بهذه الأموال حتي الآن. 

وهو نفس الأمر هنا في مصر، فلا نعرف  اين الأحزاب التي تأسست بعد ثورة يناير ومن اين أتت لها الاموال للتأسيس واين صرفت ولماذا اختفت عن الساحة السياسية، خاصة أنها بلغت 110 أحزاب  سياسية موجودة علي الورق وما هو دور لجنة الاحزاب في مراجعة عملية تمويل هذه الاحزاب ومراجعة الأنشطة التي تقوم بها وأين جهاز المحاسبات الذي دخل في سبات عميق واختفي من الساحة رغم انه عنصر مهم في  الحرب علي الفساد.

قد تنجح تونس في هذه الحرب المقدسة وقد تفشل لكن ستكون الحكومة التونسية نالت شرف مواجهة هذه الآفة وقلصت منها  وتصدت لرموزها، فالحرب علي الفساد تحتاج الي مسئولين مخلصين وتحتاج لانفتاح من يحكم علي الناس ولا ينعزل ويكون أسير ما يقدم له من تقارير ومعلومات حتي وإن كان هو أول من يتلقاها تحتاج الي أجهزة تعرف أن لها شركاء في المجتمع لهم مصلحة في مواجهة الفساد. 

تحتاج هذه الحرب الي قوانين ديمقراطية وقبل كل هذا إطلاق الحريات العامة وعلي رأسها حرية الرأي والتعبير وعدم تحصين أي مؤسسة أو مسئول من النقد حتي وإن كان نقداً قاسياً أو به شطط  وقتها ستنجح  هذه الدولة في حربها وتقضي عليه نهائياً.