رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

تحديد أجندة المجتمع، أى مجتمع، يعنى تحديد الموضوعات التى تثير اهتمام المجتمع بحيث يدور حولها النقاش فى محاولة للتوصل إلى تفاهمات وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، حتى يبلور المجتمع مايشبه الإجماع على أسلوب معالجة الموضوع محل الاهتمام. ومنذ أوائل السبعينات من القرن الماضى، برزت نظرية تحديد الأجندة كإحدى النظريات الهامة فى دنيا الاعلام. وفحوى هذه النظرية، ان الاعلام بما يملكه من أدوات ومن مقدرة على إيصال الرسايل الإعلامية إلى الجماهير، قادر ليس فقط على تحديد الموضوعات التى تحظى بالأولوية من اهتمام الجماهير، ولكنها تؤثر أيضًا على طريقة فهم الجماهير وإدراكها لهذه الموضوعات.

وفِى ضوء هذه النظرية اعتاد المسئولون فى مختلف المجتمعات على طرح الموضوعات التى تحظى بالشعبية وتلقى قبولا لدى الجماهير فى الأوقات التى يريدون فيها التغطية على موضوعات أخرى أسفرت عن خيبة أمل الجماهير أو سخطهم. وكان احتكار الحكومات لوسائل الإعلام المختلفة قبل ظهور عصر الفضاء وتحرر الاعلام فى جميع أنحاء العالم، بدرجات متفاوتة، سبباً فى انفراد الحكومات ومؤسسات الاعلام التابعة لها بتحديد الاجندة الإعلامية لمجتمعاتها. ولكن مع تغير الأحوال وظهور الاعلام الفضائى كشريك قوى فى الساحة الإعلامية، أصبح تحديد الاجندة عملية مشتركة تساهم فيها جميع وسائل الاعلام بما فيها وسائل التواصل الاجتماعى، social media، التى اتاحت للجماهير المشاركة فى تحرير وإرسال المادة الإعلامية، كعنصر جديد فعال فى تحديد الاجندة.

وقد تميزت اجندة المجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة بالتنوع الشديد والتغيرات الحادة التى تحدث على فترات متقاربة تشعر معها طوال الوقت بأن المجتمع يلهث. فمع مقدم شهر رمضان المبارك، احتلت الموضوعات الرمضانية المعتادة صدارة الاجندة. انشغل الاعلام كما انشغل معه الناس بطوفان المسلسلات التى قيل انها تكلفت ما بين مليارين وثلاثة مليارات من الجنيهات. وكانت معظم الأحاديث التى يجرى تداولها بين الجماهير عن تقييم المسلسلات والنجوم الذين قاموا بالأدوار الرئيسيّة، ومن تقاضى كم، وما إلى ذلك من الأحاديث. ولَم يكن يقطع تلك الأحاديث الا بعض الشكاوى من سخف برامج المقالب التى تمادت فى انحرافها سواء فى اصطناع المواقف أو انحطاط لغتها وأساليبها. وفِى تطور مفاجئ صدر قرار مقاطعة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين لقطر، فتحولت الاجندة تحولا كاملا لتغطية هذا الموضوع. ولَم تكن الاجندة المحلية أو العربية وحدها هى المعنية بهذا الحدث، ولكنه استقطب اهتمام الاجندة العالمية نظرا لانه موضوع يتعلق بالإرهاب الذى بات يؤرق دول العالم كلها، وقد أدركت جميع الدول حقيقة الشكوى التى كانت ترددها مصر من ان قطر تدعم الإرهاب الدولى بالمال والسلاح والمأوى. وصدرت تصريحات من زعماء العالم وفِى مقدمتهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تعترف بدور قطر فى مساندة الإرهاب الدولى ومطالبتها بالتوقف عن لعب هذا الدور. وقد طغت هذه الاجندة على احداث عالمية كبيرة سبقتها بقليل أو واكبتها فى حينها مثل حادثة الإرهاب. التى وقعت فى لندن، أو الانتخابات البريطانية التى افقدت حزب المحافظين أغلبيته البرلمانية. ووسط ضجيج احداث المقاطعة التى تطورت إلى حصار خليجى لقطر جاء قرار الحكومة بعرض اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية على مجلس النواب، وهى الاتفاقية المتعلقة بملكية جزيرتى تيران وصنافير. ونظرًا لأهمية الموضوع فقد استولى على كل اهتمام المصريين. وسوف يظل كذلك إلى ان يصل النقاش المجتمعى إلى صيغة مقبولة يتراضى عليها الجميع لحل المشكلة. ولن يتم ذلك الا بإتاحة الوقت الكافى لكل الأطراف لعرض وجهات نظرهم. وهذا هو الأسلوب الديمقراطى السليم.