ندى
الإسلام دين واقعى وازن بين الروح والمادة، ومن مظاهر واقعيته اهتمامه بالترفيه، بل منحه شأناً عظيماً لعلمه أن القلوب إذا كلت عميت.
ونظرة الإسلام إلى الترفيه نظرة نأى بها من سفه إلى وقار، فإلاسلام يمقت التضييق بجميع أشكاله، ويرفض فى الوقت نفسه الإباحية، كان الإسلام ولا يزال وسيزال معيناً لا ينضب عطاؤه فى كل العصور، وتراثنا الإسلامى والعربى يزخر بمواد علمية حية فى شتى نواحى الفن، ففيه ما يسمى «التراجيديا» و«الكوميديا» و«الدراما»، وغيرها من المصطلحات الفنية المعروفة، وفيه مواد غنية تكفى لأجيال وأجيال، وتكبح جماح رغباتهم دون تكرار، فقط نحن بحاجة إلى كاتب سيناريو مثقف مخلص يتقى الله، ومنتج شجاع يؤمن بالقضية، ولا يعنى غياب رؤية القائمين على الأمور الفنية عن استغلال تلك الثروة التراثية أنها غير موجودة.
والمتابع مسلسلات رمضان هذا العام سوف يكتشف بسهولة ارتفاع درجة الجرأة المصحوبة بالإسفاف والمشاهد الخليعة التى تتعارض مع القيم الأخلاقية والحالة الروحانية لهذا الشهر الفضيل.
جلست أسماء بنت عميس يوماً من الأيام تكلم فاطمة - رضى الله عنها - عن أحداث حصلت عليهم فى الحبشة، وأنهم زاروا النجاشى وكان معنا كذا وكذا وفاطمة سارحة الذهن فقالت أسماء مالى أحادثكِ ولا ترُدين علىّ، فقالت فاطمة عذراً يا أسماء ولكنى أفكر فى نفسى غداً إذا أنا مت والله إنى لأستحى أن يطرحوا فوقى ثوباً على النعش وأخرج أمام الرجال.
وكانت النعوش آنذاك عبارة عن خشبة مصفحة يوضع عليها الميت ثم يطرح على الجثة ثوب ولكنه كان يصف حجم الجسم، فقالت لها أسماء أو لا نصنع لك شيئاً رأيته فى الحبشة؟
فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق ودعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت على النعش ثوباً فضفاضاً واسعاً فكان لا يصف، فلما رأته فاطمة قالت لأسماء: سترك الله كما سترتنى.
قال ابن عبدالبر عن فاطمة الزهراء: هى أول امرأة غطى نعشها فى الإسلام على تلك الصفة، بعد علمى بتلك القصة فكرت كثيراً فما أشد حيائها حتى بعد مماتها.
هذا هو الهم الذى أشغل فاطمة، أين هي عن القبر وأهواله أين هى من التفكير فى منكر ونكير، لله درها تفكر بالستر والعفاف وهى على النعش وعند من وممن من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
قالت فاطمة لعلى - رضى الله عنهما -: ناشدتك بالله إذا أنا مت أن تدفننى فى الليل قال لماذا: قالت لا أريد الرجال أن يرونى.
ونزل ملك لأول مرة إلى الأرض وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله جل جلاله أرسلنى ويقول قل لمحمد يقول لفاطمة بشروها أنى كتبتها سيدة نساء أهل الجنة.