رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على الهوا

 

الجمعيات والمؤسسات التى تنشط فى مجال جمع الصدقات لتقديم الإعانات والخدمات للمواطنين الأكثر احتياجاً، هذه الجمعيات تتنافس فى تقديم مشاهد للفقر المدقع والحياة اللاإنسانية التى يعيشها مواطنون أذلتهم الحاجة والعجز.

مصممو هذه الحملات الإعلانية تصوروا - بجهل فاضح - أن مثل هذه المشاهد تثير تعاطف المُشاهد فتدفعه إلى التبرع السخى لهذه الجمعيات، ولا أشك مطلقاً فى حسن نية مسئولى الجمعيات بل وصممى ومنفذى هذه الحملات الإعلانية، لكننى بضمير مستريح أستطيع أن أصف هذه الحملات بأنها تمثل كارثة حقيقية فى أكثر من اتجاه.

أولاً: استغلال حالة البؤس البشعة التى يحياها هؤلاء المواطنون لعرضها على الملأ يمثل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية لهؤلاء المحتاجين، وفى هذا السياق ألفت الانتباه إلى حرص الأديان السماوية عامة والإسلام خاصة على حفظ كرامة المحتاج بالتوجيه الأخلاقى الذى يمتدح الصدقة المقبولة إذا تمت فى الخفاء ودون إعلان يؤذى المشاعر الإنسانية للمحتاجين، وليلخص هذا التوجيه العبارة الشهيرة التى تثنى على من يقدم الصدقة دون الإعلان عنها «حتى لا تعلم يده اليسرى ما قدمت يده اليمنى».

ثانياً: تنافس شاشات التليفزيون على تقديم أبشع صور لحياة غير آدمية بتصور أن مثل هذه المشاهد تثير فى المشاهدين حالة من التعاطف مع هؤلاء.

والحقيقة أن عرض مثل هذه المشاهد يثير فى النفس الإنسانية السوية مشاعر السخط والاشمئزاز أكثر مما يثير من تعاطف.

ثالثاً: محترفو التسول اغتنموا هذه الفرصة لتوسيع دائرة نشاطهم، وساهمت برامج التسول هذه فى إضافة جيوش جديدة للمتسولين!

رابعاً: عرض هذه المشاهد البشعة على شاشات الفضائيات يمثل أوسع عملية تشهير بمصر وبالمصريين، وقصص استخدام مثل هذه المشاهد فى تحقير المصريين والتشفى فى مصر فى بعض الدول قصص كثيرة.

هذه بعض الآثار الكارثية لهذه النوعية من إعلانات استجداء التبرع للجمعيات التى تنشط فى مجال تقديم الخدمات للمواطنين الأكثر احتياجاً.

فى الأيام القليلة الماضية قرأت عن قرار اتخذه المجلس الأعلى للصحافة والإعلام بوقف أحد هذه الإعلانات، وإذا كان هذا الخبر صحيحاً فإننى آمل أن يكون القرار أشمل من مجرد التوقف أمام إعلان واحد من هذه الإعلانات، فالمجلس يستطيع أن يشكل لجنة من الخبراء المحايدين والمحترمين لرصد مثل هذه النوعية من الإعلانات، وأن يتخذ الموقف الحاسم فى إطار صلاحياته القانونية لوقف انتشار هذه الظاهرة الكارثية ولوضع المعايير المنضبطة لإعلانات الجمعيات التى تتصدى للخدمات العامة وتقديم العون بصور مختلفة للفئات الأكثر احتياجاً فى المجتمع.