كانت البعثة التى تنقب عن الآثار فى المنيا، على موعد مع مفاجأة كبيرة، قبل أيام، وكانت المفاجأة تتمثل فى العثور على أربعين مومياء فى مقبرة أثرية، من مقابر منطقة تونا الجبل هناك!
وقد نقلت الصحف صورة للدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، وهو يتفقد المقبرة، ويستعرض المومياوات المكتشفة، ثم يقول: إن ما جرى اكتشافه ليس أكثر من عشرة بالمائة مما تضمه المقبرة!
ومعنى هذا أن فى المكان ما لا يقل عن ٣٠٠ مومياء أخرى!
ولو كان هذا الحجم من المومياوات وحده، لدى دولة غير مصر، لكانت قد عاشت عليه ألف عام، ولكانت قد دعت كاميرات العالم لتذهب إلى المنطقة، ولكانت قد دعت سياح العالم ليذهبوا مع الكاميرات سواء بسواء!
ومما قاله الدكتور العنانى بعد الكشف عن وجود المومياوات الأربعين، أن أجدادنا يقفون معنا من أجل استعادة السياحة من جديد!.. أما أن أجدادنا يقفون معنا، فهذا صحيح، ولا أظن أن أجداداً آخرين وقفوا مع أحفادهم، كما وقف أجدادنا معنا!
ولكن عندى شك كبير فى أننا نقف مع أنفسنا، فى سبيل استعادة السياحة، أو غير السياحة، ولو أننا وقفنا مع أنفسنا فى موضوع السياحة.. مثلاً: ما كان نصيبنا من حجمها عالمياً، أقل من واحد فى المائة، مع ما عندنا من آثار، وشواطئ، وسواحل، وطقس، وموقع!
فى أثينا على سبيل المثال، ثلاثة مواقع أثرية بالكثير، وعنها شاطئ يماثل شاطئ الإسكندرية، ولا يختلف جوها عن الجو عندنا كثيراً، لأنها إذا كانت على الشاطئ الشمالى من البحر المتوسط، فنحن على الشاطئ الجنوبى منه، وبيننا وبينها ساعتان بالطائرة، ومع ذلك، فإن اليونان تستقبل من السياح فى كل عام، ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد سكانها!
القضية، إذن، ليست فى اكتشاف مومياوات جديدة، ولو اكتشفنا منها ألفاً، لا أربعين، وإنما القضية فى مدى قدرة الأحفاد على تسويق ما يبعث به الأجداد.. والحقيقة أننا فى هذه النقطة لا علاقة لنا بأجدادنا، وإذا كانت لنا علاقة بهم على هذا المستوى، فأرجو ممن يراها أن يشير لى إليها.