يعود الرجل هذه الأيام الى الأضواء من جديد، دون أن يملك ذرة من حياء، ولو امتلكها لكان قد انتحى جانباً، يطلب من الله أن يغفر له ما ارتكبت يداه من جرائم!
يقول انه مستعد لتلطيخ يديه، مرة أخرى، بعودته الى العمل السياسي، ولو أنصف نفسه لأدرك أن يديه مُلطختان بما يكفي، وأن أرواح أبناء العراق التي أزهقها مع «بوش» الابن، ستظل لعنة تلاحقهما الى يوم القيامة!
يعود توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ويقول انه يفكر في استئناف حياته السياسية، بعد أن غاب عنها عشر سنوات، وبعد أن دمر العراق دون ذنب، ومعه الأحمق جورج بوش الابن!
يعود وهو يقول ان ما يجري في سوريا، يمثل وصمة عار في السياسة الخارجية الغربية!... يقول ذلك، دون أن يستحي، ولو استحى لأدرك أن ما تشهده سوريا لا يختلف كثيراً، من حيث فداحته، عما ارتكبه مع «بوش» الابن على أرض الرافدين، ثم لأدرك أن المعاناة التي يتابعها العالم في أرض العراق، لا تعود في أساسها الى شيء، بقدر ما تعود الى حماقاته، وحماقات رفيقه الأمريكي!
إن الاحصاءات تقول إن عدد ضحايا حماقات الرجلين، بلغ مليوناً من العراقيين، وأن حكاية سلاح الدمار الشامل، لدى صدام حسين، التي سوقوها لنا زوراً، كانت وهماً من الأوهام، وأنها كانت مُفبركة من أولها الى آخرها، وأن الهدف كان هو العراق، وكانت أرضه، وشعبه، وثروته، ومُقدراته!
يعود وهو يعترف في حديثه مع صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية، قبل أيام، أنه يواجه كراهية من الناس في كل مكان يذهب إليه، وأن الكراهية راجعة الى دوره في الحرب على العراق، وأنه شعور سيئ للغاية أن يجد الكراهية في انتظاره في كل مكان يحل فيه!
والحقيقة أن هذه المشاعر من الناس حول العالم إزاءه، لا تكفي... لا تكفي لأن هذا العالم لو كان يعرف معنى العدالة مع المجرمين من الساسة فيه، لكان «بلير» يقف الآن أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولكان «بوش» الابن يقف الى جواره، لعل قُضاتها ينظرون في جرائمهما في حق كل عراقي!
مكان توني بلير ليس في حزب «العمال» الذي ترأسه يوماً، وحكم تحت مظلته عشر سنوات، ويتمنى اليوم لو عاد إليه، وإنما مكانه أمام قُضاة محكمة العدل الدولية!
مكان «بوش» الابن ليس في «دالاس»، حيث يُشخبط في لوحات رديئة يسميها فناً!... مكانه ليس هناك، ولكنه الى جوار رفيقه أمام المحكمة!... وإذا أفلت كلاهما منها، ومن حكمها العادل، فلن يفلتا من عقاب السماء!