رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما أكثر العظماء الذين خلَّدهم التاريخ، وصاروا ينبوعًا تستقي منه الأجيال، لكن بعضهم فقط كـ«محمد وعيسى»، استطاعا تأصيل القيم الإنسانية وتأكيد الأخلاقيات العليَّة، بما تحمله من معاني الحق والعدل والسماحة والسلام.

كثيرة هي القواسم المشتركة، والفضائل والقيم، التي تجمع بين النبيَّيْن «محمد بن عبدالله» و«عيسى بن مريم» عليهما السلام، خصوصًا أنهما يصوران الرحمة الإلهية، ومثال واحد حيٌّ يجسد الإنسانية في أسمى صورها، وأبهى معانيها.

لقد نهلت الإنسانية بهما «عليهما السلام» من معين الصبر والتضحية والإباء، فكان النتاج مزيجًا من فيض الميلاد وبذل العطاء، ذلك أن المسيح «روح الله وكلمته»، ومحمدٌ «حبيب الرحمن ومصطفاه وخاتم الأنبياء وسيد المرسلين».

نتصور أن أبرز ما يجمع بين النبيَّيْن «سلام الله عليهما» هو التأكيد والدفاع عن القيم الإنسانية، والعمل الصادق على إحقاق الحق، وتحرير الإنسان من الظلم والقهر، وتقريبه من خالقه سبحانه، ما يستوجب أن نجعل منهما وقودًا لحياتنا، ومشعلًا لطريقنا، وسراجًا لنهجنا.

عندما نتحدث عن القيم الإنسانية في أسمى تجلياتها، فإن الله تعالى أوجدها في نبيِّه عيسى، وثبَّتها وكرَّسها في رسوله محمدًا، من خلال تضحياتهما المشتركة في سبيل حفظ الدين وتبليغ الرسالة الإلهية.

لعل ما يُبهج القلب أن محمدًا وعيسى عليهما السلام، يشكلان صورة تُجسِّد الفداء بالفداء، والتضحية بالتضحية، والكرم بالكرم، والشهامة بالشهامة، والوفاء المطلق منهما معًا، ولذلك فإن الحديث عنهما فرصة رائعة نحو مزيد من التأمل والتفكير في المساحات النورانية المشتركة بين الإسلام والمسيحية.

نعتقد أنه آن الأوان، على مسلمي الأمة ومسيحييها، إنكار الذات، وتوقيف الأنا، وتجنيب الخصوصيات، لتعزيز المشتركات، انطلاقًا من كل الأفكار السامية والقيم العليا.. وما أكثرها تلك القواسم التي تقربنا وتجمعنا.

إن الفضائل والقواسم المشتركة بين المسيحية والإسلام كثيرة ومتعددة، تؤكد أنهما من نبع واحدة.. فمن التعارف والتآلف والمودة والسلام، إلى قيم التسامح والتناصح والإخاء والوئام.. ومن الإقبال على فعل الخير وحسن المعاملة، إلى الإحجام عن الأنانية.. ومن حب الأوطان وتجويد العمل والعطاء واعتناق العدل والبر والإحسان، إلى نبذ الشدة والغلظة ومقاومة البغي والعدوان.

إن ذروة تلك الفضائل والقيم التي تتقاسمها المسيحية والإسلام، هي فضيلة الحب وقيمة السلام.. إليهما دَعَوَا، ومن أجلهما جاهدا، ليتمما مكارم الأخلاق، حيث إن جوهر الرسالتين وأبرز القيم التي دعتا إليها شريعتا السماء هي السماحة المطلقة والسلام المطلق، أي سلام المرء مع ربه ونفسه، وأهله ووطنه، والسماحة مع الناس أجمعين.

يقول الشاعر أحمد شوقي:

الدين للديَّـــان جلَّ جلالــهُ

لو شاء ربك وحَّد الأقوامـا

نُعلي تعاليم المسيح لأجلهم      

ويوقـرون لأجلنـا الإسلاما

فالسلام عليك يا «روح الله».. السلام عليك يا «حبيب الله»، السلام عليكما «محمدًا والمسيح»، السلام عليكما ورحمة الله وبركاته.

[email protected]