رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

ينفق المصريون كل عام المليارات من الدولارات لأداء العمرة، وإذا كان البعض يفعل ذلك على سبيل الوجاهة الاجتماعية والتظاهر بالتدين، فإن الأغلبية من عامة الشعب تتصور أنها تفعل ذلك من قبيل الالتزام بأداء الفرائض والسنن أملاً فى حسن الثواب من الله سبحانه وتعالى.

ولا أتردد فى إدانة هذا الإنفاق واعتباره تصرفاً يلحق ضرراً بالغاً بجموع المواطنين المصريين وأن المقاصد العليا للإسلام التى تراعى بحسم مصلحة جموع الشعب تدين هذا التصرف.

أولاً: من يجادل بأن المعتمرين ينفقون هذه المليارات من حر مالهم، ينسى أو يتناسى أن الإسلام لم يترك للمسلم حرية مطلقة للتصرف فى ماله، فهذا المال يراه الإسلام مالاً استخلف الله من يملكه على هذا المال وألزمه بأن ينفق هذا المال فى مصارف تحقق النفع له ولكافة المسلمين، ولا يسمح الإسلام لمالك المال باستخدامه فيما يلحق الضرر بباقى المواطنين.

ثانياً هذه المليارات يتم تدبيرها بشراء العملة الصعبة ونتيجة لزيادة الطلب خاصة فى مواسم الحج والعمرة يرتفع سعر العملة الصعبة، وهو ما يلحق الضرر البالغ بالاقتصاد الوطنى ويؤثر بشكل مباشر على عامة الشعب سواء بارتفاع الأسعار خاصة السلع الأساسية أو بنقص الموارد التى تمكن الدولة من تقديم الخدمات الأساسية لجموع الشعب.

ثالثاً: من يجادل بالقول إن هناك من المواطنين من ينفق أضعاف هذه المبالغ فى رحلات سياحية ترفيهية أو ينفق ماله بطريقة سفيهة، فالقياس هنا فى غير موضعه، فمن يتصرف فى أمواله تصرفاً سفيهاً فإنما يفعل ذلك دون أن يدعى أن هذا التصرف له علاقة بالتدين، أما فى حالة العمرة فالأمر يختلف لأن الإنفاق على هذا النحو الذى يضر بمصالح الجماهير يتم تحت مظلة التدين وبدعوى الالتزام بأداء الفرائض والسنن.

رابعاً: هنا نتوقف بوضوح لنرى أن علماء المسلمين المحترمين حسموا هذا الأمر بوضوح لا يقبل الشك ووضعوا قاعدة فقهية رائعة مفادها أن منع الضرر مقدم على جلب المنفعة.

ومعنى هذا بكل وضوح أننا بفرض تحقق المنفعة الشخصية لمن يؤدى العمرة فإن أداءه للعمرة فى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها الشعب كله، أداء العمرة وإنفاق المليارات بالعملة الصعبة فى هذه الظروف يلحق الضرر باقتصاد البلد فيعرقل عمليات التنمية التى تعود فوائدها على جميع المواطنين.. والتطبيق الأمين لهذه القاعدة الفقهية التى تحقق المقاصد العليا للإسلام، هذا التطبيق يحتم على المصريين وقف هذه الموجات المتصاعدة من المعتمرين كل عام.

خامساً: إذا صدقت نوايا من قرر أن يعتمر وكان قراره نابعاً من رغبة صادقة فى إرضاء الله سبحانه وتعالى والعمل بصدق على رفعة شأن الإسلام والمسلمين، فمصر بحاجة ماسة إلى كم هائل من الأموال التى تقيم بها الدولة المدارس والمستشفيات ومراكز البحوث العلمية والكثير من المشروعات التى تساهم فى التنمية وتقوية الاقتصاد المصرى لتتمكن الدولة من تحقيق حياة كريمة لجميع المواطنين، ولتصبح مصر القوية والمتقدمة علمياً نموذجاً لما يجب أن تكون عليه دولة ترفع راية الإسلام.

يبقى أن أؤكد أننى لا أقدم فتوى إسلامية فلست مؤهلاً لذلك، لكننى فى هذا المجال أزعم وبضمير مستريح أن ما ذكرته يمثل الفهم الصحيح للإسلام.

ويدفعنى للدعوة لوقف نزيف العملة الصعبة إدراك عميق لمقاصد الإسلام العليا، وما كان أغناني وبعض من يتفقون معى فى هذه الرؤية ما كان أغنانا عن اقتحام مجال يفترض أن يكون فرسانه علماء أجلاء تفقهوا فى أمور الدين.

المشكلة أن هؤلاء المؤهلين للتصدى للفتوى فى هذا المجال يحجمون عن إبداء الرأى الصواب، ويفضلون اللعب على المشاعر الدينية للبسطاء، وبعضهم لا يجرؤ على الجهر بكلمة الحق التى يعرفها حق المعرفة لأن هناك جهات تدفع بسخاء لمن يروج لسلوكيات متخلفة أو مغلوطة باسم الإسلام.

وفى هذا السياق أحيى وزير السياحة الذى اتخذ قراراً بتقليص موسم العمرة، وأرى أن القرار يحقق مصلحة عامة، ومواجهة وزير السياحة لهجمات تجار الحج والعمرة مواجهة شجاعة تحسب له.

وإن كنت أناشده بأن يزيد من تقليص موسم العمرة بأكثر مما فعل تحقيقاً لمزيد من المصلحة العامة ودعماً للاقتصاد المصرى.