عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طبيعة المصريين ـ كما وصفها هيرودوت ـ أن لديهم القدرة على تمصير الوافدين إليهم، ولا يذوبون في المجتمعات الأخرى، كما لا يتأثرون بها، بل يظلون محافظين على هويتهم وخصوصيتهم!

هذا ما أثبته التاريخ الحديث، حيث رأينا كيف قاوم المصريون الثقافتين «الأنجلو ـ فرنسية»، ورحل الاثنان دون أن يتركا بصمة تدل على وجودهما في المجتمع، رغم انبهار بعض المثقفين المصريين بالثورة الفرنسية.

تلك المقدمة نراها ضرورية لإزالة المخاوف والالتباس عند البعض، إزاء التقارب المصري ـ الإيراني، خلال الفترة الأخيرة، بعد أن شهدت العلاقات بين البلدين قطيعة كاملة منذ قيام الثورة الإسلامية في العام 1979.

على ما يبدو، فإن العلاقات بدأت في التحسن التدريجي، خلال السنوات الأخيرة، بفعل المتغيرات الإقليمية والدولية بالمنطقة، في ظل تبنِّي سياسة عدم إغلاق الباب نهائيًا أمام عودة العلاقات.. أي لا قطيعة تامة أو تطبيعًا كاملًا!

ربما تتصاعد المخاوف الإقليمية والدولية جراء هذا التقارب لما يمثله البلدان من ثقل استراتيجي، ومكانة إقليمية، ونفوذً كبيرًا في المنطقة، لا سيما تأثيرهما المباشر وغير المباشر في العديد من الملفات والقضايا الشائكة.

نتصور أن تأخر عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين تحكمه بعض الهواجس الخارجية، التي أصبحت لا محل لها من الإعراب، أو «الداخلية» من الجماعات السلفية وبعض الساسة، الذين يتوجسون خيفة بـ«تشيّع» المصريين!

قد نتفهم مبعث القلق والتخوف الذي يبديه هؤلاء، ولكن ليس بهذا الشكل المبالغ فيه، حيث يبدو الأمر لديهم، وكأن مصر بأزهرها وشعبها وثقافتها وعراقتها وحضارتها؛ ستصبح في الغد القريب على موعد مع التشيُّع!

نتصور أن مطمع الإيرانيين من هذا التقارب، ليس توجهًا شيعيًا في المقام الأول، بل سعي للتقارب على كافة الأصعدة؛ لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، أما القول بـ«تشيُّع» المصريين جراء تدفق السياحة، فالإيرانيون يقصدون بلادًا كثيرة ولم نسمع عن أن توجههم السياحي يدعو في باطنه إلى التشيُّع، وإلا لرأينا تركيا السنّية تعتنق المذهب الشيعي.

بلغة المصالح والسياسة، فإن مصر تحتاج إلى نهج سياسي جديد يعتمد على الندية والمصالح في علاقاتها، دون أي مساس بالثوابت الوطنية والعربية، لدعم الاقتصاد وتنشيط التجارة، وإحياء السياحة التي ماتت إكلينيكيًا قبل ست سنوات!

إن مصر في هذا الوقت تحتاج إلى صناعة المستقبل بصيغة جديدة، وفقًا لمقولة «لا أصدقاء قدامى ولا أعداء تاريخيين»، باستثناء الكيان الصهيوني المحتل، كما أن إيران لم تعد تفكر في تصدير الثورة مثلما يعتقد المنشغلون بالمسألة الطائفية، حيث انتهى هذا العصر تمامًا مع نهاية الحرب العراقية الإيرانية، لأن طهران لها أهدافها الأخرى، ولديها مشكلاتها الداخلية والإقليمية والدولية.

إننا نود التأكيد على أن لمصر كل الحق في إقامة العلاقات مع مَن تشاء، والاستفادة ممن تشاء، شريطة أن يكون الأمن الخليجي والعربي نقطة أساسية في كل لحظة وفي إطار أي تحرك!

أخيرًا.. هناك سؤال مشروع وموضوعي حول مسألة التشيُّع والتحذيرات الممنهجة في هذا الخصوص، والتي يُمكن قلبها بسهولة: لماذا لا يكون التقارب المصري الإيراني فرصة للمدّ السنّي في بلاد فارس؟!

[email protected]