رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طريقه لنفسه كان هو طريقه لخدمة الناس!....  كانت هذه الجملة التى وردت على لسان الريس «على» هى آخر ما اختتمت به مقالى الأسبوع الماضى، حيث كنت أروى لكم ما دار بيننا من حديث ... فقد كان يتحدث لى عن «الحدوتة المصرية النوبية» الإنسان والمفكر والمثقف اليسارى الأديب والشاعر والمترجم «محمد خليل قاسم» الذى عاش قصة حب مع النوبة، تلك الأرض الطيبة فأنجب منها رواية «الشمندورة» كجزء أول ، ثم أتبعه بالجزء الثانى «الطوفان» ليستكمل باقى قصة عشق الإنسان للأرض مستحضرًا في روايته الرائعة تلك ... العديد من القيم الإنسانية العميقة المعنى والتأثير... ولكن الموت حق ، ولا راد لقضاء الله ..فقد أصابته نوبة قلبية ومات... مات.... وهو على وشك أن يقدم الجزء الثانى لرواية «الشمندورة» للمطبعة ، مات  .... وهو على وشك أن يتزوج، فقد قابل نصفه الثانى الذى كان يبحث عنه ليتشاركا سويًا بالقلب والعقل  فى رحلة الحياة ... 

وما أقصى الموت عندما يأتى فى غير موعده، فما أحوج الحياة الإنسانية والفكرية والأدبية والشعرية إلى  «محمد خليل قاسم».

وكما قال لى الريس «على» «إن طريق «قاسم» لنفسه كان هو طريقه لخدمة الناس» ، فقد كان أيضا طريقه لإسعاد نفسه هو طريقه لإسعاد الناس كذلك . وقد روى لى عن ذلك أحد أصدقائه اليساريين من حزب « التجمع » عن  تبنيه للكثير من كتاب النوبة صغار السن مثل : محمود صالح إدريس ومحمد بشير و فاروق بحر وغيرهم كثيرون . كما قام  أيضا «قاسم» بمحو أمية السجانين وهو فى المعتقل بتعليمهم القراءة والكتابة لذا أطلقوا عليه لقب «حضرة الناظر»، وقد اكتشف أيضا خلال رحلته فى عشق النوبة المطرب «محمد حمام»، وعلى المستوى الإنسانى والعائلى فقد كرس حياته لإسعاد إخوته وخاصة أخاه الصغير الذى أصاب صدره مرض «الدرن» فأقعده عن العمل، وذلك بتوجيه معظم دخله من عمله كمترجم فى إحدى السفارات الأجنبية للعائلة... روى لى أيضا زميله وصديقه أنه كان مبتسمًا دائمًا وكانت يده مبسوطة بالمحبة والخير أبدًا.

توفى «قاسم» فى بدايات عام 1968م وقد كان هذا قبل ميلادى بسنين ،ولكن ....كم تمنيت بعدما تعرفت عليه من خلال ما قرأت له وعنه أن أعيش فى زمانه ويكون هو صديقى العزيز، فلعل الإنسان فيه هو مصدر كل مواهبه وفضائله جميعا، رأيت فيه القدوة، ونحن أحوج ما نكون إلى القدوة فى عصرنا هذا. وكم أتمنى أيضا أن يتولى المسئولون جمع إنتاجه الأدبى ليعيدوا نشره من جديد، ولن يكون ذلك مجرد خدمة للأدب فحسب ، ولكنه سيكون من باب المحافظة على معنى أعمق وهو المعنى الإنسانى الكبير الذى عاش به وله «محمد خليل قاسم» الذى عرفنا على الطفل النوبى «حامد» وهو يروى تفاصيل قرية نوبية، ويحكى بأسلوب سلس ومشوق وفى غاية العمق الإنسانى معاناة أهل تلك القرية، وتضحياتهم الوطنية أثناء بناء خزان أسوان. ... ليجعلنا نخرج فى النهاية  بمعنى فى منتهى الأهمية وهو (أهمية قيمة النضال من أجل استمرار الحياة ).

وسأختم مقالى بتلك الجملة التى استعرتها من أستاذى الكبير والعزيز جدًا على قلبى الدكتور «رفعت السعيد»  عندما قال « إن «قاسم» ظلم حيًّا وميتًا»!!! للأسف الشديد.