رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

أعجبني جداً أن يعزف الوزير سامح شكري، وهو يخاطب العالم من فوق منصة المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، على الوتر الذي لابد للخارج أن يفهمه، إذا ما أراد أن يتكلم عن حقوق الإنسان عندنا !

أعجبني أن يقول لهم، إن مفهوم حقوق الإنسان له بالضرورة منظور شامل، يضم حقوقاً اجتماعية، وأخرى اقتصادية، وأنه لا يتوقف عند حدود الحقوق السياسية، أو المدنية، وأنه إذا توقف عندها وحدها صار مفهوماً ضيقاً للغاية !

لقد جاء وقت على المهتمين بحقوق الإنسان حول العالم، اختزلوا فيه هذه الحقوق، في حق ناشط سياسي منعته حكومته من التعبير عن رأيه، هنا، أو في حق سجين تعرض في محبسه لما لا يجب أن يتعرض له..هناك !

أسارع فأقول أني لا أقلل أبداً من الحقوق السياسية أو المدنية من هذا النوع.. لا أقلل منها على أي نحو.. ولكني فقط أريد أن ألفت الانتباه، إلى أن حقوق الإنسان أكبر من ذلك، وأشمل، وأنها تضم السياسي، والمدني، من الحقوق، مع غيرهما في ذات اللحظة !

إننا لم نسمع حتى الآن، أن منظمة من منظمات حقوق الإنسان في العالم، قد أقلقها أن المواطن في مصر.. مثلاً.. لا يحصل على حقه في التعليم كما يتعين أن يحصل عليه، وبمستوى معين لا يقل عنه، ولا سمعنا أن منظمة مثل هيومان رايتس ووتش، على سبيل المثال، قد أزعجها ألا ينال المواطن فوق أرضنا، أو فوق أرض أي دولة أخرى، حقه في أن يتلقى خدمة صحية جيدة !

لم نسمع هذا، مع أن حق المواطن في خدمة تعليمية مميزة، وفي خدمة علاجية آدمية، يتقدم في تقديري على حقه في التعبير عن رأيه، أو في الانتخاب، أو في الترشح.. أو.. أو.. إلى آخر هذه الحقوق التي لا أنكرها طبعاً، ولكني أرى حقوقاً أخرى متقدمة عليها !

أراها متقدمة عليها لأن علينا أن نسأل أنفسنا بأمانة عما يمكن أن يعود على الإنسان من وراء الحقوق السياسية، أو المدنية، إذا ما كان مريض الجسم، ضعيف العقل، لم يعرف تعليماً على الصورة التي يجب أن يعرفها عليه في حياته، ولم يصادف رعاية صحية على نحو ما يجب أيضاً أن يصادفها عليه في بلده؟!

هذا بالضبط ما أعجبني في منطق سامح شكري، وهو يخاطبهم، لأنه تكلم معهم باللغة التي يفهمونها، ولأنه أراد أن يقول لهم إن اختزال القصة في الحقوق السياسية، أو المدنية، وحدها، لا ينطوي على اجتزاء مرفوض فقط، ولكنه يُسيس قضية لا يجوز تسيسها، ولا يجوز تناولها على سبيل الكيد للدولة المعنية.. لا أكثر !

طبعاً أتمنى على الوزير شكري أن يتبنى هذه القضية نفسها، وبالمنطق ذاته، في اجتماعات مجلس الوزراء، دون أن يقف كونه وزيراً للخارجية، لا للتعليم، ولا للصحة، عائقاً أمامه في هذا السبيل، لأن المسئولية في الحكومة تظل مسئولية تضامنية، لا مسئولية كل وزير عن ملف وزارته وحسب !

أتمنى أن يكون هذا هو منطق الوزير شكري في مجلس الوزراء، لأننا قطعنا نصف الطريق إلى حقوق الإنسان بمفهومها الشامل هذا، عندما وضع دستورنا الحالي حداً كبيراً للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، في أربع من مواده، ثم لم نترجم ذلك على الأرض!.. فالدساتير توضع لتتحول إلى حياة لدى أصحابها، لا ليتصوروا إلى جوارها على الأرفف !