رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

حين انكشف أمر سرداب أوسلو، الذي دلفت إليه القيادة الفلسطينية المتنفِّذة، ثم كان التوقيع على «اتفاق أوسلو»، في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض في واشنطن (13/9/1993)، وقفت كل الفصائل الفلسطينية ضد السرداب والاتفاق، وحتى «فتح»، فإن ثمانية من أعضاء لجنتها المركزية صوَّتوا ضد الاتفاق، مقابل ثمانية آخرين صوَّتوا معه، ورجحت كفَّة الأخيرين؛ لأن رئيس «فتح»، ياسر عرفات، كان ضمنهم. ناهيك عن أن أكثر من نصف أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وقفوا ضد الاتفاق، وكذلك جُل فصائل المقاومة. ولكنه استبداد المتنفِّذ.

بعد شهر واحد من التوقيع على الاتفاق ، سيئ الذكر ، دعت القيادة المتنفِّذة إياها المجلس المركزي لمنظمة التحرير إلى مناقشة الاتفاق، بعد أن غدا أمرًا مقضيًا، أي بعد فوات الأوان

Out of date! عدا أنه ليس من حق هذا المجلس إصدار قرارات!

يومها، وقف محمود عباس (أبو مازن)، وقال قولته الشهيرة، إن «اتفاق أوسلو» إما أن يوفِّر لنا دولة مستقلة، وإما يكرِّس الاحتلال الإسرائيلي، إلى الأبد، بينما صاغ الأديب الفلسطيني المرموق، إميل حبيبي -غفر الله له- عبارة عباس أدبيًّا، فقال حبيبي إن اتفاق أوسلو كالفرس الجامح، سنمتطيه، فإما أن نصل إلى نهاية الطريق، وإما أن نقع من فوق الحصان، فتُدق عنقنا!

    من البديهي أن ميزان القوى العربي – الإسرائيلي كان سيُكرِّس الاحتمال الثاني، ثم من قال إن القضايا الوطنية تحتمل التجريب؟!

    لعل ما فعله فريدريك الثاني، ملك ألمانيا، قبل نحو قرنيْن، خير صورة عن التجريب. فقد قالوا له إن مَن يأكل وينام، يهضم طعامه، بينما من يأكل ويستمر في العمل، لا يهضمه. فما كان من الملك إلا أن أمر اثنين من حراسه بتناول طعام بعينه، وأمر أحدهما بالخروج للصيد، والثاني بالنوم. وحين عاد الأول من رحلته، في المساء، واستيقظ الأول من نومه، عمد فريدريك إلى شق بطنيْهما، ليتأكد بأن طعام الأول قد تم هضمه، بينما طعام مَن خرج للصيد بقي على حاله، ودُفن الحارسان المسكينان، بينما لم يرف لفريدريك جفن!

    هكذا، أوصلنا «اتفاق أوسلو» إلى ما نحن فيه؛ حيث تتآكل قضيتنا الوطنية أمام أعيننا، وبين صفوفنا مَن يؤكد أن «الحياة مفاوضات»،  وكأن سيادته لم يقتنع بمدى الأضرار التي لحقت بقضيتنا الوطنية، على مدى نحو ربع قرن من المفاوضات مع عدو، يختل ميزان القوى لصالحه، تمامًا، بينما نفتقد نحن خيار الحرب، تمامًا! لقد جعل «اتفاق أوسلو» المفاوضات تصب في طاحونة الأعداء، بينما غدا الكفاح المسلح غير مجدٍ. في الوقت الذي تحوَّلت سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود إلى مؤسسة ضارة بالشعب والوطن، غير أن حلَّها لا يقل ضررًا عن بقائها!

   تصريح صاحب «الحياة مفاوضات» الأخير، لوَّح فيه بإمكانية التهديد بانتماء السلطة الفلسطينية إلى 13 منظمة دولية، من باب مكايدة إسرائيل! أكمله عباس، حين لوَّح بتهديد إسرائيل بمواجهتها في المحافل الدولية، وبذا، كأن «التلويح» غدا شكلاً كفاحيًا!