رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تزال للتحالف أهميته القصوى، ضمن شروط النصر فى شتى المعارك، الاجتماعية والسياسية والعسكرية؛ على أن يقوم هذا التحالف على أُسس سليمة، ويتأسس على نقاط التقاء بين المتحالفين فى القضايا الرئيسية؛ بحيث يجب إقامة تحالف بين من يريد فلسطين إسلامية، ومن يريدها اشتراكية، إذ يتقاطع الاثنان عند مهمة تحرير فلسطين، وبعد ذلك ينفض تحالفهما، ويتعارضان، عند الشكل الذى يريد كل منهما فلسطين عليه، وتتفرق بهما السُبل.

أسوق هذه البديهية، لأن بين ظهرانينا من بهرته شعارات ترامب، فأسرع الأول إلى الإلحاح على ضرورة تأسيس حلف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بمجرد تسلُّم ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وأسس صاحب الإلحاح دعوته هذه على أهمية العمل من أجل تحقيق مصالح مصر!

لا أدرى ما هى نقاط الالتقاء، أو حتى التقاطع بيننا وبين كل من واشنطن وتل أبيب، وبالمعايير الوطنية الخالصة، بعيدًا عن المعايير القومية، أو الأممية؟! ناهيك عن أننى لا أشيطن البراجماتية، شرط أن تلتصق بالمبدئية، وإلا غدت نفعية مقيتة، على حساب الأهل والأشقاء والأصدقاء!

تحضرنى، فى هذه المناسبة، مواقف تاريخية لرئيس الوفد، المغفور له مصطفى النحاس، الذى رفض الاستجابة لطلب المحتل البريطانى، بإرسال عمال مصريين إلى فلسطين، كى يحلوا محلَّ العمال الفلسطينيين، الذين كانوا دخلوا فى أطول إضراب سياسى فى تاريخ البشرية، ضد المحتل نفسه (20/4- 12/10/ 1936). فيما استجاب حاكم عربى آخر للطلب البريطانى، بذريعة تحالفه مع حكومة لندن! وفى مطلع أكتوبر 1936، رفض النحاس - وكان رئيسًا للوزراء فى مصر- طلب حكم عرب التوقيع معهم على ما عُرف، لاحقًا، بنداء الملوك والأمراء العرب، الذى وجَّهوه إلى أبنائهم من الشعب الفلسطينى، يطالبونهم فيه بوقف إضرابهم إياه، «اعتمادًا على حُسن نوايا صديقتنا، بريطانيا»! ولعل المثير للاستهجان أن المندوب السامى البريطانى فى فلسطين كان من كتب هذا النداء بنفسه! وحين وصلت «لجنة بيل» الملكية البريطانية إلى فلسطين، «لتقصى أسباب ثورة شعبها»! أصدرت تقريرها (7/7/1937)، الذى أوصى بتقسيم فلسطين، بين مواطنيها العرب ومستوطنيها اليهود، هنا سارع النحاس، وأبلغ السفير البريطانى فى القاهرة، مايلز لامبسون، بأن مصر لن تهنأ، وعلى كتفها اليمني دولة يهودية (على ما ذكره لامبسون، فى مذكراته).

غنى عن القول بأن النحاس إنما صدر عن رؤية استراتيجية وطنية، تعى بأن مصر جزء من الوطن العربى الكبير، بينما فلسطين ضمن خط الدفاع الأول عن مصر، الممتد من الأهواز- جنوب غرب إيران- إلى جبال طوروس، شمالى سوريا. فكان لمواقف النحاس هذه دور، حفظه له التاريخ، فيما أدان التاريخ نفسه من ردَّ: «وماذا يضير مصر أن تقوم على كتفها اليمني دولة يهودية»؟!