رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

همسة طائرة

الفساد فى مصر أصبح غولاً متوحشاً أكل فى طريقه الأخضر واليابس وفى رأيى هو اكثر خطورة على الوطن من الإرهاب نفسه، وتزداد خطورة هذا الفساد إذا ما تم استغلال السلطات الثلاث «القضائية والتشريعية والتنفيذية» فى التهديد والوعيد للشرفاء للسكوت وعدم الإعلان عما توصلوا إليه من فساد. الأسوأ من ذلك أن تجد الموظفين الفاسدين لديهم قدر عالٍ من البجاحة والفجر فى المجاهرة بفسادهم، فبالرغم من أنهم يضبطون متلبسين بالفساد والإفساد وإهدار المال العام تجدهم يهددون ويتوعدون رؤساءهم باستغلال نفوذ أقاربهم من الدرجة الأولى الذين يتبوؤون مكانة رفيعة تقدرها وتحترمها الدولة والمواطنون الشرفاء.. وبدلاً من أن يتعامل هؤلاء الموظفون الفاسدون بمبدأ «إذا بليتم فاستتروا» نجدهم فى منتهى البجاحة مستغلين نفوذ أقاربهم الذين أؤكد من وجهة نظرى أنهم بكل تأكيد لا يعلمون بفساد أقاربهم ولو علموا لقاموا بأنفسهم بوضع أقاربهم هؤلاء بأيديهم خلف الأسوار لأن القسم الذى يقسمون عليه لحماية الوطن والمواطنين من كل أنواع الفساد والإفساد يحتم عليهم تطبيق القانون حتى على أقرب الناس لهم.. وهذا ما جسدته السينما المصرية فى كثير من أعمالها الخالدة عن وقوع البطل ضحية بين واجبه الذى أقسم عليه وبين اكتشافه فساد أقاربه والتى فى النهاية تنتهى باستقالة هؤلاء بسبب فساد أقاربهم ليصبحوا هم أيضاً احدى ضحاياهم.

وفى الطيران المدنى تعيش شركة ميناء القاهرة الجوى واقعاً أليماً أمرّ من أفلام السينما حيث هناك ملفات عديدة بها تحمل شبهة إهدار المال العام بعد تورط بعض الموظفين فى إبرام عقود استغلال أراض تابعة لشركة الميناء مما تسبب فى ضياع ملايين الجنيهات، وتشير أصابع الاتهام بعد تحريات قامت بها جهات رقابية الى مجموعة بعينها من العاملين بالشركة تورطوا فى مخالفات مالية تسببت فى إهدار المال العام.

ياسادة.. الى هذا الحد الأمر متروك للقانون يأخذ مجراه ولا يستطيع أى من كان ان يتدخل لكن أن يتم التهديد والوعيد من جانب هؤلاء الموظفين بأقاربهم بالسلطة القضائية والتنفيذية فهو ما لا يجب السكوت عنه بأى حال من الأحوال لأن هذا يعد واقعاً جديداً من «الفجر فى الفساد» فبدلاً من أن يستتر هؤلاء وينكسفوا من فسادهم.. يهددون ويتوعدون ومن يتوعدون؟! للأسف كل شريف كشف فسادهم وإفسادهم... وهو ما جعلنا ندق ناقوس الخطر قبل أن يصبح ما نلوذ به من سلطات لإنقاذنا من الفساد هو سيفا مسلطا على رقابنا من فئة معدومة الضمير لم تستحِ من فسادها بل تجاهر به على مسمع ومرأى من الجميع.

يا سادة.. إن إساءة استعمال السلطة ليست أمراً حديثاً بل إنها موجودة فى كل عصر من العصور وتعد جريمة لأنها مرتبطة مع وجود السلطة نفسها، وإذا كانت السلطة لها حدود ثابتة فإن تجاوز هذه الحدود يعنى إساءة استعمالها، وبالتالى انحرافها عن الهدف، ولهذا أوجبت التشريعات والأنظمة ضرورة الالتزام بالحدود الواجبة والمقررة لكل سلطة وفى الشريعة الإسلامية نجد أن الإسلام جرّم هذا الفعل قبل أى نظام آخر، حيث منع الظلم والإضرار بالناس، ومنع الاعتداء على الحقوق، ومنع أكل أموال الناس بالباطل، وحرم الكسب الحرام بأى صورة تم تحقيقه، ونهى عن الغش والخداع، وأقر مبدأ تفضيل المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وتعامل مع الوظيفة من منطلق كونها أمانة وعد استغلالها أو إساءة استعمالها خيانة لهذه الأمانة، كما عد القيام بالواجبات المنوطة بالشخص من قبيل البر والتقوى الذي يأمر به المولى سبحانه وتعالى بقوله (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).

واستغلال النفوذ فى أدبيات القانون يعنى كل تأثير أو ضغط يمكن أن يمارسه (الموظف العام) على المؤسسة المعنية أو الموظف أياً كان مصدره، سواء كان مستمداً من الناحية الوظيفية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، كما أن استغلال النفوذ ليس بالضرورة أن يكون من رئيس لمرؤوسيه، بل قد يمتد لأشخاص أو جهات خارج نطاق صلاحياته الوظيفية، واستغلال النفوذ هنا يختلف عن الواسطة، التى لا يكون فيها مصلحة أو فائدة، وتكون على شكل رجاء قد ينفذ وقد لا ينفذ.

همسة طائرة.. يا سادة اننا نطلق جرس إنذار مبكر وندق ناقوس الخطر.. عن استغلال نفوذ الفاسدين لأقاربهم بالسلطات المختلفة وهذا بلاغ من الشرفاء بشركة ميناء القاهرة إلى النائب العام ووزير الداخلية فإنهم يلوذون بكم من التهديد والوعيد الذى يتعرضون له.. فهم يلوذون بكم فأغيثوهم وأغيثونا من «فساد استغلال السلطات».