رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل يكيل المثقفون فى مصر بمكيالين؟ هذا هو السؤال الذى راودنى عندما تابعت المعركة الدائرة مؤخراً حول الإمام البخارى، وتلك الدائرة بشأن نجيب محفوظ. فى الحالتين لحق ما يمكن وصفه بالذم أو التحقير من شأن علم من أعلامنا ورمز من رموزنا.. الدينية القديمة فى حالة البخارى، والأدبية الحديثة فى حالة محفوظ. ما هو رد الفعل المتوقع؟ أتصور أنه يجب أن يكون واحداً، فإما قبول هذا الذم باعتباره مما يقع فى إطار حرية الرأى، أو الرد على ذلك باعتبار عدم وجوب الإساءة لرموزنا المختلفة بما يتجاوز حدود اللياقة. غير أن ما حدث كان العكس، فقد رحب الكثيرون بذم البخارى ونالوا منه بما استطاعوا، فيما حدثت ثورة معاكسة فى حالة محفوظ واعتبروا ما حدث نقيصة من النقائص التى  يجب ألا تمر مرور الكرام.

على المستوى الشخصى ليس لدى أى مشكلة مع طبيعة الموقف الذى يجب أن يتم اتخاذه، غير أن مشكلتى مع عدم الانسجام أو ما أشرت إليه فى المقدمة من الكيل بمكيالين. أزيد رأيى تفصيلاً فأقول إننى لا أميل إلى تقديس أحد مهما كان، وأرى أن النقد يجب أن يطال الجميع، بهذه الروح يمكن أن نطمح للتقدم إلى الأمام، فالبخارى، بذل جهداً جهيداً فى جمع الأحاديث ينبغى معه أن نرفع له ألف قبعة، وأحيلك هنا إلى مقالة مكتوبة بلغة سهلة وبسيطة عن هذا الأمر للأستاذة سناء البيسى فى جريدة الأهرام، ووفق الحديث النبوى فله أجران إذا أصاب وأجر إذا أخطأ.

غير أن ذلك لا يمنع، فى تقديرى، من محاولة الاقتراب من البخارى، انطلاقاً من رؤية معاصرة، قد تنتهى إلى نقد صحيحه، على نحو قد يصل بنا لغربلته انطلاقاً من تطبيق مفاهيم علم الحديث، وتفاصيل هذه المحاولة ليست من اختصاصى أو اختصاصك وإنما مهمة آخرين مؤهلين سواء من الأزهر أو غيره.

فهل ينبغى نقد نجيب محفوظ؟ ذلك أمر أوجب ما يكون، وأذكر هنا أننى كنت قرأت كتاباً ضاع من مكتبتى عن الرؤية الإسلامية فى أدب نجيب محفوظ.. وأضيف من الممكن أن يأتى آخر ليقول إن أدب محفوظ لا ينطلق من رؤية إسلامية.. أو أن أدبه كذا وكذا.. ويمكن أن يفتينا فى ذلك المرجع العمدة فى هذا الشأن الناقد مصطفى بيومى الذى حلل كافة القضايا فى أدب محفوظ. وعلى ذكر الأدب الخادش للحياء أذكر هنا أن الرؤية العامة لأدب إحسان عبدالقدوس «مجايل» محفوظ، كانت تنطلق من أنه أدب غارق فى الجنس، وما أذكره أيضاً أنه لم يحدث رد فعل عنيف على هذا الوصف.

خلاصة القول، ولضيق المساحة، أشير إلى أنه بدون روح نقدية سنظل نعيش فى الظلام. وأسوق هنا مثالين من سياق مغاير، ففى الغرب وصل مستوى النقد حد إنكار وجود شخصية هوميروس واعتبار أن «الهوميرية» ليست سوى مجموعة الأشعار التى تمثل الإلياذة لشعراء متتاليين وليست لشخص بعينه، وهو رأى قد يعتبره البعض شنيعًا ولكنه رأى قدم بشكل هادئ ورصين وفى إطار السجال المفيد. كما أن آخرين راحوا ينكرون على شكسبير كتابته لمسرحياته، ووصل الأمر حدًا أن جامعة أكسفورد أضافت مؤخراً اسماً آخر إلى جانبه كمؤلف لبعض الأعمال المنسوبة إليه!

نقد الرموز أمر طبيعى وينبغى تشجيعه ولكن فى إطار روح علمية والاحترام الواجب لمن يتم نقده.. وتلك هى مشكلتنا فى نظرتنا لمفهوم النقد! وما نراه، أن المبدأ الحاكم يجب أن ينطلق مما عبرت عنه عفاف لطفى السيد، بقولها: إن كلا منا يحمل فى عنقه دينا للأعمال التى قام بها أسلافنا حتى ونحن نوجه النقد إليهم!

[email protected]