عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم أكتب عن السعودية يوما ما وودت لو لم أكتب عنها لأن مثل هذه الكتابة محفوفة بالمكاره والشهوات أيضا، غير أن رد الفعل المصرى على زيارة مستشار الملك سلمان لسد النهضة بدا لى مستفزا وتميز بحالة من الشعبوية وأنه ينتمى إلى ذات الوصف الذى تم إطلاقه على التحرك السعودى.. باختصار نحن نكيل بمكيالين فى النظر لهذه القضية. السؤال الذى طرحته على نفسى وأطرحه على القارئ ما هى الأزمة من تلك الزيارة؟ وما هو الفارق بين الموقف السعودى والموقف المصرى المعلن من سد النهضة؟ فى تقديرى أن التحليل النهائى للمواقف يشير إلى أنه لا فرق.

من حق البعض أن يتحفظ على هذا الطرح الذى أقدمه ،غير أنه قبل أن يفعل ذلك عليه أن يراجع المواقف الرسمية المعلنة سيجد أنها كلها تقريبا تصب فى أن سد النهضة لا غبار عليه. لا أريد أن أقدم لك نماذج فقد كتبت عن ذلك أكثر من مرة ولكن للتذكير نشير إلى تصريحات مختلفة للقيادة السياسية بمن فيها رئيس الوزراء السابق محلب وغيره.. لو لم تقتنع أرجو أن تأتى لى بتصريح عكسى من مسئول حالى ينال من سد النهضة ويصفه بأنه ضار بمصر أو شيء من هذا القبيل؟ لن تجد. لا يقتصر الأمر على هذا الحال وإنما علاقتنا مع أثيوبيا كما يقول المثل «سمن على عسل» وأتصور – وأرجو أن أكون مخطئا – أنها لم تكن أفضل فى أى مرحلة على طول تاريخها مما هى عليه الآن.

إذا أخذت زيارة مستشار الملك سلمان على أنها ليست «خيرًا».. فسأستطرد وأقول لك «للأسف» إن الموقف لا يقتصر على السياسة الرسمية المصرية وإنما يمتد للشعبية، ولعل تصريحات فاروق الباز وهو عالم مصرى لا يشق له غبار فى «الأهرام» الجمعة الماضى تؤكد ذلك حيث ذهب إلى حد التأكيد على أنه من حق أثيويبا إنشاء السد وأن ندعمها فى ذلك.

إذن علام هذه الضجة وهذا الصخب من زيارة مستشار الملك سلمان لسد النهضة؟ هل سارت السعودية فى مسار يخالف سياستنا الرسمية؟ لا. وإذا كان سد النهضة يلحق الضرر بمصر، ويجب عدم دعمه وتمويله – وهو فى تقديرى الشخصى كذلك – فلماذا نعيب غيرنا والعيب فينا؟ ألم يكن من الأولى أن يكون الموقف المعارض والرافض لسد النهضة من المضار – مصر وليس من شقيق المضار – السعودية؟

يتمادى البعض فى رصده لمخاوفه من السياسات السعودية فيبدى القلق من تحركها لإنشاء قاعدة عسكرية فى جيبوتى محاولا تصوير هذه الخطوة على أنها ضد مصر؟ كيف لا أدري! لماذا لا نحاول استيعاب مخاوف الآخرين؟ السعودية تشعر بالقلق وأنها فى عالم مضطرب.. و«المخاوف» تنهال عليها من كل حدب وصوب، والأصدقاء فى تصور قيادتها – وعلى رأسهم مصر – يخذلونها.. فلماذا لا تحاول أن تلجأ لأن تعتمد على ذاتها؟

ليس هذا دفاعًا عن السياسة السعودية وإنما محاولة تمثلها.. ولو أن خطوة زيارة سد النهضة مكايدة، وهى فى جانب منها كذلك، فأمامك مكايدة بديلة.. التوجه إلى إيران وهو الأمر الذى قد يقض مضاجع الرياض.. غير أن السياسة المصرية - وهذا جانب من حكمتها -  فى تصورى أكبر من تلك الهرتلات.. وفى النهاية فإن أى عاقل يمتلك أى حد أدنى من الرؤية الإستراتيجية لن يرى سوى أن الوفاق المصرى السعودى هو الحامى لكليهما من عواصف الدهر.. ولكنه ضيق الأفق لدى البعض ونغمة الاستقواء التى يغرى بها المال أحيانا!!

[email protected]